نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 196
و قال عيسى عليه السّلام: «العبادة عشرة
أجزاء تسعة منها في الصمت و جزء في الفرار عن الناس».
و قال نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
«من كثر كلامه كثر سقطه، و من كثر سقطه كثرت ذنوبه، و من كثرت ذنوبه كانت النار
أولى به»[1].
(1) أقول: و روي في كتاب مصباح الشريعة عن
مولانا الصادق عليه السّلام أنّه قال:
«الصّمت شعار المحقّقين بحقائق ما سبق، و جفّ
به القلم، و هو مفتاح كلّ راحة من الدّنيا و الآخرة، و فيه رضا الرّبّ، و تخفيف
الحساب، و الصون من الخطايا و الزّلل، قد جعله اللّه سترا على الجاهل، و زينا
للعالم، و معه عزل الهوى، و رياضة النّفس، و حلاوة العبادة، و زوال قسوة القلب، و
العفاف و المروّة و الظرف، فأغلق باب لسانك عمّالك منه بدلا سيّما إذا لم تجد أهلا
للكلام و المساعد في المذاكرة للَّه و في اللّه، و كان الربيع بن خثيم يضع قرطاسا
بين يديه فيكتب كلّ ما يتكلّم به، و يحاسب نفسه عشيّته، ما له و ما عليه، و يقول:
آوه نجا الصامتون و بقينا، و كان بعض أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم يضع حصاة في فمه فإذا أراد أن يتكلّم بما علم أنّه للَّه و في اللّه و لوجه
اللّه أخرجها فإنّ كثير أصحابه- رضي اللّه عنهم- كانوا يتنفّسون تنفّس الغرقى و
يتكلّمون شبه المرضى و إنّما سبب هلاك الخلق و نجاتهم الكلام و الصمت، فطوبى لمن
رزق معرفة عيب الكلام و صوابه و علم الصمت و فوائده فإنّ ذلك من أخلاق الأنبياء و
شعار الأصفياء و من علم قدر الكلام أحسن صحبة الصمت و من أشرف على ما في لطايف
الصمت و ائتمنه على خزائنه كان كلامه و صمته كلّه عبادة و لا يطلع على عبادته هذه
إلّا الملك الجبّار»[2].
و في الكتاب المذكور عنه عليه السّلام أيضا
أنّه قال: «الكلام إظهار ما في القلب من الصفا و الكدر، و العلم و الجهل، قال أمير
المؤمنين عليه السّلام: المرء مخبوء تحت لسانه، فزن كلامك و أعرضه على العقل و
المعرفة، فإن كان للَّه و في اللّه فتكلّموا به،
[1] أخرجه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر
كما في الجامع الصغير.