نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 4 صفحه : 161
يخزن لسانه إلّا فيما يعنيه، و يؤلّفهم و لا
يفرّقهم أو قال: ينفرهم- شكّ مالك- و يكرم كريم كلّ قوم و يولّيه عليهم، و يحذّر
الناس من الفتن و يحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره و لا خلقه، و يتفقّد
أصحابه و يسأل الناس عمّا في الناس، فيحسّن الحسن و يقوّيه، و يقبّح القبيح و
يوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملّوا، لكلّ حال عنده
عتاد، لا يقصر عن الحقّ و لا يجوزه، الّذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده
أعمّهم نصيحة، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و مؤازرة.
قال: فسألته عن مجلسه فقال: كان رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يجلس و لا يقوم إلّا على ذكر اللّه عزّ و جلّ
اسمه، و لا يوطّن الأماكن و ينهى عن إيطانها، و إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي
به المجلس و يأمر بذلك، يعطي كلّ جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أنّ أحدا أكرم عليه
منه، من جالسة أو فاوضه في حاجة صابرة حتّى يكون هو المنصرف عنه، و من سأله حاجة
لم يردّه إلّا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه بسطة و خلقا، و كان لهم
أبا و صاروا عنده في الحقّ سواء، مجلسه مجلس حلم و حياء و صبر و أمانة، لا ترفع
فيه الأصوات و لا توهن فيه الحرم و لا تنثى فلتاته[1]، متعادلون متفاضلون فيه
بالتقوى، متواضعون يوقّرون فيه الكبير، و يرحمون فيه الصغير، و يؤثرون ذا الحاجة،
و يحفظون- أو قال: يحيطون- الغريب.
- شكّ أبو غسّان-.
قال: قلت: كيف كان سيرته في جلسائه، قال: كان
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس
بفظّ و لا غليظ و لا صخّاب[2]و لا فحّاش و لا عيّاب و لا مدّاح، يتغافل عمّا لا
يشتهي، و لا يؤيس منه، و لا يخيب فيه مؤمّليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء و
الإكثار و ممّا لا يعنيه: و ترك الناس من ثلاث كان
[1] «لا تنثى فلتاته» معناه من غلط فيه
غلطة لم يشع و لا يتحدث بها، يقال: نثوت الحديث أنثوه نثوا إذا حدثت به. و في النهاية
أي لم يكن في مجلسه زلات فتحفظ و تحكي.
[2] الصخب بالصاد و السين: الضجة و اضطراب
الأصوات للخصام.
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 4 صفحه : 161