نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 242
و قد يكون حقّا و يكون
أيضا مانعا من الفهم و الكشف لأنّ الحقّ الّذي كلّف الخلق اعتقاده له مراتب و
درجات و له مبدأ ظاهر و غور باطن و جمود الطبع على الظاهر يمنع من الوصول إلى
الغور الباطن كما ذكرناه من الفرق بين العلم الباطن و الظاهر في كتاب قواعد
العقائد.
ثالثها أن يكون مصرّا
على ذنب أو متّصفا بكبر أو مبتلى في الجملة بهوى في الدّنيا مطاع فإنّ ذلك سبب
ظلمة القلب و صدئه و هو كالخبث على المرآة فيمنع جليّة الحقّ من أن يتجلّى فيه و
هو أعظم حجاب للقلب و به حجب الأكثرون و كلّما كانت الشهوات أشدّ تراكما كانت
معاني الكلام أشدّ احتجابا و كلّما خفّ عن القلب أثقال الدّنيا قرب تجلّى المعنى
فيه فالقلب مثل المرآة و الشهوات مثل الصدء و معاني القرآن مثل الصور الّتي تتراءى
في المرآة و الرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل تصقيل الجلاء للمرآة و لذلك قال
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إذا عظّمت امّتي الدينار و الدرهم نزع منها هيبة
الإسلام و إذا تركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر حرموا بركة الوحي»[1] قال الفضيل: يعني حرموا فهم القرآن
و قد شرط اللّه الإنابة في الفهم و التذكّر، و قال:
«تَبْصِرَةً وَ ذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ»[2] و قال: «وَ ما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ
يُنِيبُ»[3]، و قال:
«إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ»[4] فالّذي آثر غرور الدُّنيا على نعيم الآخرة فليس من ذوي الألباب
فلذلك لا ينكشف له أسرار الكتاب.
رابعها أن يكون قد قرأ
تفسيرا ظاهرا و اعتقد أنّه لا معنى لكلمات القرآن إلّا ما تناوله النقل عن ابن
عبّاس و مجاهد و غيرهما و أنّ ما وراء ذلك تفسير بالرأي و أنّ من فسّر القرآن
برأيه فقد تبوّأ مقعده من النّار، فهذا أيضا من الحجب العظيمة و سنبيّن معنى
التفسير بالرأي في الباب الرابع و أنّ ذلك لا يناقض قول عليّ عليه السّلام: «إلّا
أن يؤتي اللّه العبد فهما في القرآن» و أنّه لو كان المعنى هو الظاهر المنقول لما
اختلف الناس فيه.
[1] قال العرقى: أخرجه
ابن أبي الدنيا في كتاب الامر بالمعروف مفصلا من حديث الفضيل بن عياض.