نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 241
السادس التخلّي عن موانع
الفهم
فإنّ أكثر النّاس منعوا
من فهم معاني القرآن لأسباب و حجب أسد لها الشيطان على قلوبهم فعميت عليهم عجائب
أسرار القرآن قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لو لا أنّ الشياطين يحومون على
قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت»[1].
و معاني القرآن من جملة
الملكوت و كلّ ما غاب عن الحواسّ و لم يدرك إلّا بنور البصيرة فهو من الملكوت، و
حجب الفهم أربعة:
أوّلها أن يكون الهمّ
منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها و هذا يتولّى حفظه شيطان و كلّ
بالقرآن ليصرفهم عن معاني كلام اللّه و لا يزال يحملهم على ترديد الحرف، يخيّل
إليهم أنّه لم يخرج من مخرجه فهذا يكون تأمّله مقصورا على مخارج الحروف فأنّى
ينكشف له المعاني، و أعظم ضحكة للشيطان من كان مطيعا لمثل هذا التلبيس.
ثانيها أن يكون مقلّدا
لمذهب سمعه بالتقليد و جمد عليه و ثبت في نفسه التعصّب له بمجرّد الاتّباع للمسموع
من غير وصول إليه ببصيرة و مشاهدة فهذا شخص قيّده معتقده عن أن يجاوزه فلا يمكنه
أن يخطر بباله غير معتقده فصار نظره موقوفا على مسموعه فإن لمع برق على بعد و بدا
له معنى من المعاني الّتي تباين مسموعه حمل عليه شيطان التقليد حملة، و قال: كيف
يخطر هذا ببالك و هو خلاف معتقد آبائك فيرى أن ذلك غرور من الشيطان فيتباعد منه و
يحترز عن مثله، و بمثل هذا قالت الصوفيّة: إنّ العلم حجاب، و أرادوا بالعلم
العقائد الّتي استمرّ عليها أكثر النّاس بمجرّد التقليد أو بمجرّد كلمات جدليّة
حرّرها المتعصّبون للمذاهب و ألقوها إليهم، فأمّا العلم الحقيقيّ الّذي هو الكشف و
المشاهدة بنور البصيرة فكيف يكون حجابا و هو منتهى المطلب و هذا التقليد قد يكون
باطلا فيكون مانعا كمن يعتقد من الاستواء على العرش التمكّن و الاستقرار، فإن خطر
له مثلا في القدّوس أنّه المقدّس عن كلّ ما يجوز على خلقه لم يمكّنه تقليده من أن
يستقرّ ذلك في نفسه، و لو استقرّ ذلك في نفسه لا نجرّ إلى كشف ثان و ثالث و لتواصل
و لكن يتسارع إلى دفع ذلك عن خاطره لمناقضته تقليده الباطل