لأنّهما[1] فعله، و لا لظنّ ما لأنّه عالم
لنفسه، و لا لأنّه يعلم أنّه إن لم يولم زيدا فعل[2] ما يستحقّ به العقاب لقدرته[3] على العفو و قدرة العاصي على الامتناع، و إنّما يفعله[4]
للاعتبار و لا بدّ من
عوض يخرجه عن كونه ظلما، و لا يفعله للعوض فقط لحسن الابتداء به، إذ ليس كالثّواب
المقارن تعظيما و تبجيلا لقبح[5] الابتداء به.
و إذا ساوى الألم
اللّذّة في المصلحة لم يجز[6] فعل الألم، لإمكان التّحصيل بغيره[7].
و التّفضّل بالعوض.
و قول البكريّة[8] هذيان، لأنّا نعلم تألّمنا أطفالا و
تألّم البهائم، و قول التّناسخيّة[9]
أقرب منه؛ و قد قال
شيوخنا القدماء[10] به و هو باطل، لوجوب تذكّره و وقوع
الألم في المعصومين و وجوب مقارنة الاستخفاف[11] له و وجوب الهرب منه و الفزع و الجزع، و ما قدّمناه في فعل غير
المستحقّ يبطل قولهم جملة.
[8] . هم أصحاب بكر ابن
أخت عبد الواحد بن زيد، فزعموا أنّ الأطفال في المهد لا يألمون و إن قطعوا أو
حرقوا و أجازوا أن يكونوا في وقت الضرب و القطع و الإحراق متلذذين مع ظهور البكاء
و الصياح منهم، راجع عن هذه الفرقة: الفرق بين الفرق، 212- 213؛ مقالات
الإسلاميين، 1/ 317؛ كشف المراد، 356- 357؛ أنوار الملكوت، 125؛ إشراق اللاهوت،
مخطوط في مكتبة الإمام الرضا (ع)، الورقة 96.
[9] . هم قائلون بتناسخ
الأرواح في الأجساد و الانتقال من شخص إلى شخص و ما يلقي من الراحة و التعب و الدعة
و النصب و ذهبوا إلى أنّ الألم انّما يحسن بمجرّد الاستحقاق، راجع: الملل و النحل
للشهرستاني، 91؛ الفرق بين الفرق، 270- 276؛ كشف المراد، 356- 357؛ الفصل في الملل
و الاهواء و النحل، 1/ 90- 94.
[10] . هذا القول مروي
عن زرارة بن أعين من علمائنا المتقدمين.