نام کتاب : المنية و الأمل نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 89
و لقد دخل عليه أبو الحسن
الأزرق يوما، و هو يصنف كتابا، فطلب في حجرته ماء، فلم يجده، فقال: «أ تصنف، و لا
طعام و لا شراب عندك، و أنت جائع؟»، فوضع قلمه و الجزء و قال: «إذا تركت التعليق،
هل يحصل الطعام و الشراب؟» قال: «لا» فقال: «فلأن أعلق و لا أضيع وقتي أولى».
و كان أبو الحسن الأزرق
يمده بالنفقة كثيرا، و كان يحب الأكل معه، فاذا دخل عليه اشترى طعاما ليأكلا
جميعا، و لو كان عنده شيء موجود.
و بلغ من أمره في علم
الكلام، أن أبا الحسن كان يرجع إليه، و ربما حضر عنده يسمع ما يجري.
و ورد عليه مسألة في
الاجتهاد، من ناحية عضد الدولة، فرأى الصواب أن يجيب عنها الشيخ أبو عبد اللّه. و
هو الكلام في أن كل مجتهد مصيب، و في الأشبه. و كان يغلو في تعظيم أبي الحسن، حتى
قال: «ما رأيت أبا الحسن منقطعا قط، و إن كان الكلام له فإنه يتجلى، و ان كان عليه
يورد ما لا يعرف معه ذلك».
قال: و من ظريف أمره أنه
يطيل في أماليه، و يختصر في تدريسه، و الغالب من حال العلماء خلاف ذلك.
و كان، في بعض الأوقات،
ربما يظهر الندم على تطويل أماليه، و يقول: «إن الاختصار أقرب إلى أن ينتفع به،
لكني إذا وجدت لنفسي خاطرا، أؤمل أن ينتفع، أحببت أن أمليه، فكان يطول المسألة
بالأسئلة لزيادة الايضاح».
و كان شديد التقرر في
الطهارة، حتى كان يتخذ لبيت الخلوة نعلا، و لنفس الطهارة نعلا آخر، و لسائر
الأعمال نعلا مع ضيق المعيشة.
و بلغ من ورعه، أن الملك
عضد الدولة، قد رسم أن يحمل إليه سلة من الطعام لخاصيته، فكان لا يتناول منها
شيئا، و يجري في أكله على عادته، و يجمع على ذلك من يأنس به.
و كان من تلامذته من أهل
البيت عليهم السلام، أبو عبد اللّه الداعي. و كان يقول لغيره من تلامذته: «لا
تتكلموا في حضرة الشريف في مسألتين فان قلبه
نام کتاب : المنية و الأمل نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 89