إلى التعبّد بالقياس، و
أنّه الحجّة في المسكوت عنه من الشرع في الكتاب و السنّة و الإجماع دون قول
المعصوم، خروج عن الإجماع، و ذلك يوضّح ما ذكرناه أنّ الامّة بين قائل بالقياس و
العمل عليه و بين ناف له و لا شكّ في أنّ العامل على القياس القائل به لا يجوّز أن
تكون الحجّة فيما لم يبيّن حكمه من الشرع في الكتاب و السنّة و الإجماع قول معصوم،
بل يذهب إلى أن لا حجّة فيه إلّا القياس و الاجتهاد، و نافي القياس و الاجتهاد لا
يعمل عليه و لا يرى التعبّد به، فاتّضح أنّ الجمع بين تجويز قول المعصوم حجّة في
الشرع و بين القطع على كون القياس حجّة خروج عن الإجماع.
و ليس لأحد أن يقول: الجمع
بين هذا التجويز و القطع المشار إليه محال لما بينهما من التنافي، فكيف يجمع
المستدلّ الذي ذكرتموه بينهما حتى تقولوا: إنّ الجمع خروج عن الإجماع؟ و ذلك لأنّه
لا تنافي بين هذا التجويز و بين هذا القطع من حيث إنّ متعلّقهما متغاير، إذ متعلّق
التجويز كون قول المعصوم حجّة و متعلّق القطع كون القياس حجّة، و هما متغايران.
و يمكن أن يقال: المستدل
إنّما يكون مجوّزا لما ذكرتموه في حال استدلاله و نظره، و هو في تلك الحالة لا
يكون قاطعا على كون القياس حجّة. و إذا تمّ استدلاله و قطع على كون القياس حجّة لا
يبقى مجوّز لكون قول المعصوم حجّة، فلا يكون جامعا بين التجويز و القطع المشار
إليهما حتى يصير بذلك خارجا عن الإجماع.
و يمكن أن يجاب عنه بأن
يقال: إنّه بعد تمام استدلاله بزعمه يكون مجوّزا لكون قول المعصوم حجّة في الشرع
بتقدير وجوده، و انّما يدعى أنّه غير موجود مع اعترافه بأنّه لو كان موجودا لكان
قوله حجّة، و هذا منه تجويز لكون قوله حجّة بتقدير وجوده على ما ذكرناه، و يكون
بذلك جامعا بين التجويز و القطع الذين أشرنا إليها و قلنا إنّه خروج عن الإجماع.