فإن قيل: فهلّا استغنيتم
بالتقييد بالأصالة عن التقييد بعموم الرئاسة؟.
قلنا: ذلك التقييد لا يغني
عن هذا التقييد، و بيانه أنّه لو نصّ اللّه تعالى على شخص بالقضاء مثلا او جباية
الصدقات بالأصالة لا أن يجعله نائبا عن غيره في ذلك لما كان إماما و لم يسمّ بذلك،
فانكشف أنّه لا بدّ من التقييدين جميعا، و تحقّق أنّ الإمام هو الرئيس في جميع
امور الدين عموما الذي لا يكون عليه رئيس و لا يد فوق يده، و انّما قلنا في
التقييد الثاني بالأصالة لا نيابة عن غير هو في دار التكليف، كيلا يقول أحد: أ ليس
من مذهبكم أنّ الأئمة عليهم السلام خلفاء النبيّ و أوصيائه و نوّابه؟ فكيف تعتبرون
في الإمام أن لا يكون نائبا عن غيره؟ و ذلك لانهم عليهم السلام و إن كانوا نوّابه،
إلّا أنّه عليه الصلاة و السلام ليس في دار التكليف، فلا يبطل بذلك الحد.
فإن قيل: لما لم اقتصرتم
في تحديد الإمامة على أنّها رئاسة في الدين؟ و لم لم تضمّوا إليها الرئاسة في
الدنيا، على ما يقوله مخالفوكم من المعتزلة؟.
قلنا: لأنّ الإمام ليس
رئيسا على أهل الصناعات في صناعتهم، فليس رئيسا على الخطاطين في الخط، و لا على
الصائغين في الصياغة[1]،
و لا على النجّارين في النجارة، و لا على البنّائين في البناء، و لا على النقّاشين
في النقش، و كلّ هذه الصناعات من الامور الدنيوية.
فإن قيل: أ ليس لو وقع بين
أهل الصناعات تشاجر و تخالف في صناعاتهم لكان الإمام هو الحاكم فيما بينهم، و هو
الذي يقطع حكمه خصومتهم؟ فكيف لا يكون رئيسا عليهم؟.
قلنا: هذا سؤال من لم يفهم
ما قلناه، لأنّا لم نقل أنّه لا يكون للإمام عليهم رئاسة مطلقا، بل قلنا لا يكون
رئيسهم في صناعاتهم، فلا يكون رئيس