شروط الوجوب من حيث إنّه
يكون داخلا في شروط الحسن و هو أن لا تكون مفسدة، و قد ذكر في شروط الوجوب أن يغلب
على ظنّه أنّه لا يؤخذ منه مال.
و قيل: إنّه ينبغي أن يكون
القول في ذلك على التفصيل الذي تقدّم في الإضرار بالنفس، و هو أنّه إن كان المال
المأخوذ يسيرا لم يسقط وجوب الإنكار، و إن كان عظيما كثيرا سقط الوجوب، و إن كان
ما يتركه عظيما و ما يؤخذ منه في مقابلته[1] يسيرا مع أنّه مال كثير حسن الإنكار و إن لم يجب.
فأمّا كيفية وجوبهما فيدخل
فيها أنّهما هل هما من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات؟ و هذا ممّا اختلف فيه،
فذهب جماعة من المتكلّمين إلى أنّهما من فروض الكفايات، و هو الذي اختاره السيّد
قدّس اللّه روحه[2]، و ذهب قوم إلى أنّهما من فروض
الأعيان، و إليه مال شيخنا السعيد أبو جعفر الطوسي في التمهيد، قال عند قوله «و
قال قوم»: إنّهما من فروض الأعيان، و هو الذي يقوى في نفسي، قال: لأن عموم ظواهر
الآيات و عموم الأخبار يقتضي ذلك[3]، و الأمر على ما ذكره، و لأن قوله عليه السلام: ليس لعين ترى اللّه
تعصي فتطرف حتى تغيّر[4].
و يدخل في كيفيتهما أن
يبتدئ فيهما بالأخفّ، فإن نفع و إلّا ترقّى إلى الأصعب، و قد نبّه تعالى على ذلك
في قوله: «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما، فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا
الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ»[5] فأمر أوّلا بالإصلاح، و في الآخر بالقتال، و ذلك لأنّ الغرض بالأمر
بالمعروف أن يقع المعروف و لا يضيع، و بإنكار المنكر أن لا يقع المنكر،
[1] قوله: «يسيرا لم
يسقط ... إلى قوله: مقابلته» ليس في (ج).