و أمّا السنة: فقوله عليه السلام: لتأمرن بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر أو ليسلطنّ
اللّه عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم[1].
و أمّا الإجماع فظاهر، إذ الامّة مجمعة على وجوب الأمر بالمعروف الواجب دون المندوب
إليه، وجوب النهي عن المنكر لا خلاف بينهم في وجوبهما بالقول، و انّما اختلفوا
فيما عدا النهي القولي عن المنع بالضرب و القتال، فذهب ذاهبون الى أنّ المنع من
المنكر بالضرب و القتال، و الحمل على المعروف الواجب بالنوعين من موظّفات الأئمّة
و من يلي من جهتهم دون غيرهم. و قال آخرون: بل ذانك واجبان أيضا على الكلّ عند
التمكّن منهما و انتفاء وجوه القبح عنهما.
و نصر سيّدنا المرتضى قدّس
اللّه روحه هذا القول الأخير، و ردّ على من قال من أصحابنا أنّ الأمر و النهي بما
عدا القول من الضرب و الإضرار مفوّض إلى الائمّة، بأن قال: ما يفعله الأئمّة من
ذلك أو يفعل بأمرهم و إذنهم يكون مقصودا، و هذا بخلاف ذلك، لأنّه غير مقصود، و
انّما القصد إلى رفع المنكر و المنع. من وقوعه و البعث على المعروف الواجب، فإن
وقع ضرر فهو غير مقصود[2]،
و يدلّ عليه قوله تعالى: «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما
عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ
اللَّهِ»[3]، و هذا في ظاهره خطاب لجميع المكلّفين
و أمر لهم.
فإن قيل: أ ليس الأمر بقطع
يد السراق و جلد الزناة و رمي المحصنات ورد مطلقا؟ و إن لم يجب شيء من ذلك إلّا
على الإمام فما أنكرتم من مثله في قوله تعالى:
«فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي»؟.
قلنا: قد أجمعت الامّة على
أنّه ليس لغير الإمام إقامة تلك الحدود فخصّص
[1] وسائل الشيعة: ج 11
ص 394 كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر باب 1 ح 4.