إذا أوّل على أن المراد به
غيره، و قد قال تعالى: «بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»[1] و قال:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ
قُرْآناً عَرَبِيًّا»[2]
و قال: «وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ»[3] و كلّ هذا يقتضي حمل لفظ الإيمان و
المؤمن الوارد في القرآن و الأخبار على المعنى الذي يعيّنه أهل اللغة بهذين
اللفظين، و من ادّعى انتقال لفظ الإيمان و المؤمن عمّا وضعا[4] له في اللغة إلى معنى آخر، فعليه الدلالة.
فإن قيل: أ ليس كثير من
الألفاظ العربية التي وضعتها العرب بإزاء معاني نقلها الشرع[5] عن تلك المعاني، و جعلها بإزاء معاني اخر لم يعرفها العرب، فصارت
بتأثير الشرع و عرفه مفيدة للمعاني الشرعية دون المعاني الوضعيّة، كلفظ الصلاة و
الصوم و الزكاة و الحجّ، فهلّا جرى الأمر في لفظ الإيمان و المؤمن هذا المجرى؟.
قلنا: لو خلّينا و ظاهر
تلك الألفاظ لحملناها[6]
على المعاني اللغوية، لكنّا حملناها على غير تلك المعاني لدلالة دلّتنا على ذلك، و
تلك الدلالة ليست موجودة هاهنا و لا نظيرها، هذا على أن في المرجئة من لا يسلّم
انتقال لفظ ما عمّا كان عليه في اللغة و تناول ما يدعى في هذا الباب بما هو معروف.
فإن قيل: فهذا يقتضي أن
يسمّى كلّ تصديق إيمانا و كلّ مصدّق مؤمنا بلا تقييد، فانّ اللغة تقتضي ذلك، و متى
قلتم: إنّ إطلاق لفظ الإيمان يفيد التصديق باللّه و بما أوجب عليه من معرفته، فقد
تركتم اللغة و لزمكم ما ألزمتم مخالفيكم من أنّ العدول عن ظواهر الآيات الدالة على
أنّه عربي و نازل بلغة العرب.
قلنا: عرف الشرع خصّ اسم
إيمان و مؤمن بتصديق مخصوص أو مصدّق