و الكفر عند المرجئة، على
ما ذكره سيدنا[1] المرتضى و اختاره، لا يكون إلّا من
أفعال القلوب، و لا يدخل[2] في أفعال الجوارح.
فإن قيل: فعلى هذا يجب أن
لا يكون سجود الشمس و عبادة الأصنام كفرا، لأنّها من أفعال الجوارح، و هذا يخالف
الإجماع، لأنّ الامّة مجمعة على أنّ سجود الشمس و عبادة الصنم[3] كفر.
قلنا: الإجماع على أنّ من
يفعل ذلك مختارا يكون كافرا. و هكذا نقول و ما انعقد الإجماع على أنّه يكون كافرا
بنفس سجود الشمس و عبادة الصنم[4] زائدا على اعتقاد جواز ذلك أو وجوبه.
يبيّن ما ذكرناه أنّهم لو
علموا أنّه لا يستحلّ ذلك، و إنما يفعله دفعا للضرر عن نفسه أو لغرض آخر، لم
يكفّروه، فعلمنا أنّهم إنّما يكفرونه لاستحلاله ذلك، و الاستحلال راجع إلى
الاعتقاد و ما يعدّ من أفعال القلوب، فسلم ما قلناه.
و أمّا [بيان معنى]
الإيمان:
فهو التصديق بالقلب باللّه
و توحيده و عدله و نبيّه و بكلّ ما تجب معرفته، و لا اعتبار بما يجري على اللسان
فهو نقيض الكفر الذي حدّدناه و بيّنا أنّه التكذيب بالقلب بما تجب معرفته و الجحود
له بالقلب دون اللسان، فكلّ من كان مصدّقا بقلبه باللّه و توحيده و عدله و نبيّه و
بكلّ ما يجب معرفته مقرّا به بقلبه فهو مؤمن.
و في المرجئة من ذهب إلى
أنّ الإيمان هو التصديق باللسان، و الكفر هو الجحود باللسان، و فيهم من ذهب إلى
أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب و اللسان معا، و الكفر هو الجحود بهما.