و أمّا الرسول فهو من حمّل
رسالة ليؤدّيها إلى الغير بشرط أن يكون قد قبل الرسالة لأنّه لو لم يقبلها لم يسمّ
رسولا، و لا بدّ من مرسل، و مرسل إليه، و من رسالة تحمّلها. و هذا اللفظ إذا اطلق
فانّه لا يفهم منه إلّا رسول اللّه في العرف، و إذا اريد به غيره فلا بدّ من أن
يقيّد فيقول: رسول السلطان أو الخليفة أو غيرهما، هذا، كما أنّ الربّ إذا اطلق
فانّه لا يفهم منه إلّا اللّه تعالى، و إذا اريد به غير اللّه تعالى، فلا بدّ من
أن يقيّد، فيقال: ربّ الدار و ربّ الضيعة.
و الفرق بين النبيّ و
الرسول، هو: أنّ النبيّ لا يكون إلّا من البشر، و الرسول يكون من البشر و من غير
البشر. قال اللّه تعالى: «وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا
لُوطاً سِيءَ بِهِمْ»[1]
و «رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى»[2] أراد به الملائكة. فافتراقهما هو افتراق العامّ و الخاصّ، إذ لفظ
الرسول أعمّ، و لفظ النبيّ أخصّ، فكلّ نبيّ رسول، و ليس كلّ رسول نبيّا.
و اعلم انّ الكلام في
النبوّة يدخل تحته ثلاث مسائل:
إحداها: الكلام في حسن البعثة و الردّ على البراهمة، و يدخل فيه الكلام في
إمكان البعثة، و الطريق إلى معرفة صدق النبيّ و نبوّته من المعجزات أو ما يقوم
مقامه، و الفصل بين المعجز و السحر و الحيل، و جواز ظهور المعجز على غير النبيّ و
اختصاصه بالنبيّ. و يتبعه الكلام في صفات النبيّ.
و الثانية. الكلام في جواز النسخ و الردّ على من أنكره من اليهود.
و الثالثة: الكلام في نبوّة نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و على آله و إن كانت
المسألة الثالثة تدخل تحتها المسألتان الأولى و الثانية. لأنّا متى أثبتنا نبوّة
نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و آله ثبت بنبوّته حسن البعثة و جواز النسخ. و ذلك
لأنّه لو لم