القول في حكم العوض
المستحقّ عليه تعالى و كميته و مفارقته لما يستحقّ على غيره
اختلف العلماء في المستحقّ
عليه تعالى من العوض و أنّه هل يكون دائما أو منقطعا؟ فذهب أبو عليّ إلى دوامه، و
أبو هاشم إلى انقطاعه، و حكي عن أبي عليّ انّه رجع من القول بدوامه و قال
بانقطاعه.
و أبو هاشم و إن قال
بانقطاعه فانّه يوجب فيه أن يكون مقدارا عظيما بحيث يختار كلّ عاقل مثل الآلام
التي أو صلها اللّه تعالى إلى المؤلم لمثل تلك المنافع و لا يشتبه الحال فيه حتى
يحسن منه عزّ و جل إيصال الألم إلى المؤلم من دون رضاه. و ذهب القاضي إلى مذهب أبي
هاشم و اختاره. و إلى هذا المذهب يذهب سيّدنا المرتضى، قدّس اللّه روحه، و هو الذي
نصره في كتبه.
و أبو عليّ و إن ذهب إلى
دوامه فانّه يوجب أيضا في موظّفات الأوقات و ما يصل إلى المؤلم الذي استحقّ عليه
تعالى العوض في كلّ وقت أن يكون مقدارا عظيما، لأنّ العقلاء لا يتساوون في اختيار
الآلام و الأمراض بمقدار يسير من العوض، و إن كان دائما.
و استدلّ أبو علي على صحّة
مذهبه في دوام العوض بأنّه لو كان منقطعا لتألّم المعوّض بانقطاعه و اغتمّ،
فاستحقّ في مقابلة ذلك الغمّ و التألّم عوضا آخر.
و الكلام في ذلك العوض
كالكلام في العوض الأوّل في أنّه إن انقطع استحقّ من انقطع عنه بانقطاعه عنه عوضا
آخر، و كذا يلزم في العوض الثالث، و الرابع