بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين، و صلّى اللّه على أشرف الأولين و الآخرين محمّد و آله
الطيبين الطاهرين.
مرّ التاريخ العقائدي
للبشرية بمراحل حافلة بالتطورات، و مليئة بالأحداث و الوقائع، الموبوءة بالإرهاصات
الفكريّة اللأواء، و الإعصارات العقلية الهوجاء.
و نظرا لأهمية المرتكزات
العقائدية في تسيير دفة الحياة بكافة ميادينها، و تأطير الحياة السلوكية و الخلقية
و الاجتماعية، فقد تمخض عن مجمل الصراع الفكري داخل بوتقة تاريخ الفكر العقائدي
مذاهب و مشارب و مسالك متعدّدة، أودت بمعتنقي مبادئها إلى الانحطاط، و السقوط في
هاوية الضياع و التيه، و البعد عن المدينة الفاضلة، بكافة أبعادها و مقاييسها.
و لم تقتصر حالة الشذوذ
الفكري و العقلي و العقائدي تلك على برهة زمنية معيّنة من تاريخ الإنسان في هذه الحياة
الدنيوية، بل عايشت وجوده و كيانه منذ أول وهلة لنشأته الأولى على الأرض، و استمرت
معه إلى عصرنا هذا، و تستمر معه إلى انقضاء الحياة، كما شهد لنا الواقع و طالعنا
به، و كذا التاريخ من خلال سجلاته الحافلة بالأحداث، و المليئة بالتطورات المختلفة
الميادين.
و من هنا تكتسب حركة
الأنبياء و الرسل و الأوصياء- المختصّين بتبليغ البعثات السماوية- أهميتها الخاصة،
و دورها الرائد، و حيويتها الفريدة، خصوصا في مجال تسديد خطى الإنسان العقلية، و
تقويم المعوّج من أدلّتها و براهينها، و صقل مرآة العقل لتؤدي دورها اللائق بها، من
خلال تحقيق حالة الارتباط الوطيد و الصلة الوثيقة بالواقع، و مطابقة تصوّراتها و
استنتاجاتها مع الحياة و الوجود و المبادئ السفلية و العلوية، و قد كانت أكبر
المنعطفات المشهودة في تاريخ الصراع العقائدي- هي