و إن قالوا: المراد
بالشرور هي القبائح و الأفعال التي لو وقعت منه لما كانت حسنة.
قلنا: فأنتم أيضا تنفون عن
اللّه تعالى القبائح بهذا المعنى بل تنفون قدرته عليه بقولكم: إنّه غير منهيّ عن
شيء فلا يقبح منه شيء، فليس هذا شيئا يختصّنا.
فإن قالوا: المراد بالشرور
المعاصي.
قلنا: فالمجوس لا تختصّ
بهذا المذهب، بل اليهود و النصارى يشاركانها في هذا المذهب، لأنّ اليهود و النصارى
ينفون عن اللّه تعالى المعاصي.
و روى الحسن، عن حذيفة، عن
النبيّ صلى اللّه عليه و آله أنّه قال: «لعنت القدريّة و المرجئة على لسان سبعين
نبيّا. قيل: و من القدريّة يا رسول اللّه؟
فقال: قوم يزعمون انّ
اللّه سبحانه و تعالى قدّر عليهم المعاصي و عذّبهم عليها».[1]
و المرجئة يزعمون إنّ
الإيمان قول بلا عمل.
و عن جابر بن عبد اللّه
قال: «يكون في آخر الزمان قوم يعملون المعاصي، ثمّ يقولون: إنّ اللّه عزّ و جل
قدرها علينا. الراد عليهم كالشاهر سيفه في سبيل اللّه»[2]
و عن الحسن البصريّ «إنّ
اللّه تعالى بعث محمدا، صلّى اللّه عليه و آله إلى العرب، و هم قدريّة مجبّرة،
يحملون ذنوبهم على اللّه. و تصديقه قوله تعالى:
«وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا
بِها»[3].
و روى أبو الحسن، عن محمد
بن علي المكيّ بإسناده عن النّبي صلى اللّه عليه و آله «إنّ رجلا قدم عليه من
فارس، فقال له عليه السلام: «أخبرني بأعجب شيء رأيت» قال: رأيت أقواما ينكحون
أمّهاتهم و بناتهم و أخواتهم. و إذا قيل لهم: لم تفعلون؟ قالوا: قضاء اللّه تعالى
علينا و قدره. فقال عليه السلام:
سيكون فى آخر أمّتي أقوام،
يقولون مثل مقالهم، أولئك مجوس أمّتي»[4].