لمّا وجب على المكلّف
العلم بالثواب و العقاب لكونه جاريا مجرى دفع الضرر عنه، و على مكلّفه تعالى أن
يكلّفه تحصيله، لكونه لطفا في أداء الطاعات و اجتناب المقبّحات، و لم يمكن تحصيله
إلّا بمعرفة التوحيد و العدل، وجب عليه تحصيل المعرفة بالتوحيد و العدل.
و إذا كان كذلك و قد أتينا
على أبواب التوحيد و بيّناها- لأنّ التوحيد و إن كان في أصل اللغة عبارة عما يصير
به الشيء واحدا، كالتحريك في أنّه عبارة عمّا يصير به الشيء متحركا، فإنّه في
العرف عبارة عن العلم بوحدانيته تعالى و ما يسبقه من العلم بذاته تعالى و بما
يستحقّه من الصفات نفيا و إثباتا و كيفيّة صفاته و ما يجوز عليه و ما لا يجوز و ما
هو طريق إلى العلم بجميع ذلك على ما بيّناه- وجب أنّ نبيّن الكلام في العدل أيضا.
و الكلام في العدل كلام في
أفعاله تعالى و أنّها كلّها حسنة، و تنزيهه عن القبائح و عن الإخلال بالواجب في
حكمته. و يدخل تحته تفاصيل، كالكلام في حسن ابتداء الخلق و حسن التكليف و ما يتصل
به و الكلام في النبوّة و الكلام في الوعد و الوعيد، فإنّ بجميع ذلك يتمّ العلم
بالثواب و العقاب. و يدخل في أبواب العدل الكلام في الآلام و الأعواض و حسن ما
يحسن منها و يلحق أيضا بأبواب العدل الكلام في الإمامة لأنّه من الألطاف التي تجب
لمكان التكليف و إن لم