بقراط واضع الطب الذي قال
بفضله الأوائل و الأواخر، و كان أكثر حكمته في الطب و شهرته به، فبلغ خبره إلى
بهمن بن اسفنديار بن كشتاسب، فكتب إلى فيلاطس ملك قوه، و هو بلد من بلاد
اليونانيين؛ يأمر بتوجيه بقراط إليه، و أمر له بقناطير من الذهب فأبى ذلك، و تأبى
عن الخروج إليه ضنا بوطنه و قومه، و كان لا يأخذ على المعالجة أجرة من الفقراء و
أوساط الناس، و قد شرط أن يأخذ من الأغنياء أحد ثلاثة أشياء: طوقا، أو إكليلا، أو
سوارا من ذهب.
فمن حكمه أن قال: استهينوا
بالموت فإن مرارته في خوفه.
و قيل له: أي العيش خير؟
قال: الأمن مع الفقر خير من الغنى مع الخوف.
و قال: الحيطان و البروج
لا تحفظ المدن، و لكن تحفظها آراء الرجال و تدبير الحكماء.
و قال: يداوى كل عليل
بعقاقير أرضه، فإن الطبيعة متطلعة إلى هوائها، و نازعة إلى غذائها[2].
و لما حضرته الوفاة قال:
خذوا جامع العلم مني: من كثر نومه، و لانت طبيعته، و نديت جلدته طال عمره.
و قال: الإقلال من الضار
خير من الإكثار من النافع.
و قال: لو خلق الإنسان من
طبيعة واحدة لما مرض، لأنه لم يكن هناك شيء يضادها فيمرض.
[1] بقراط: ولد في
جزيرة كوس اليونانية نحو 460 ق. م. و هو أشهر الأطباء الأقدمين، جعل للأمراض
مصدرين: الهواء و الغذاء. دعاه أرتحششتا لمعالجة الوباء المتفشي في بلاده فأبى أن
يخدم أعداء وطنه.
نقلت بعض مصنفاته إلى
العربية و منها: «تقدمة المعرفة» و «طبيعة الإنسان» و من كتبه أيضا «كتاب الأجنة»
و «كتاب الأهوية و المياه و البلدان» و قد توفي سنة 377 ق. م. (عيون الأنباء ص
24).
[2] و في «الكلم
الروحانية»: ليداو كل مريض بعقاقير أرضه، فإن الطبيعة تتطلع لهوائها. و تنزع إلى
غذائها، و قال: غذاء الطبيعة من أنجع أدويتها.