responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الملل و النحل نویسنده : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    جلد : 2  صفحه : 314

قالت الصابئة:

نوع الإنسان ليس يخلو من قوتي الشهوة و الغضب، و هما ينزعان إلى البهيمية و السبعية، و ينازعان النفس الإنسانية إلى طباعها. فيثور من الشهوية: الحرص و الأمل.

و من الغضبية: الكبر و الحسد، إلى غير هما من الأخلاق الذميمة. فكيف يماثل من هذه صفته نوع الملائكة المطهرين عنهما و عن لوازمهما و لواحقهما؟! صافية أوضاعهم عن النوازع الحيوانية كلها، خالية طباعهم عن القواطع البشرية بأسرها، لم يحملهم الغضب على حب الجاه، و لا حملتهم الشهوة على حب المال، بل طباعهم مجبولة على المحبة و الموافقة، و جواهرهم مفطورة على الألفة و الاتحاد.

أجابت الحنفاء:

بأن هذه المغالطة مثل الأولى حذو النعل بالنعل‌ [1]، فإن في طرف البشرية نفسين: نفس حيوانية لها قوتان: قوة الغضب، و قوة الشهوة. و نفس إنسانية لها قوتان:

قوة علمية، و قوة عملية. و بتينك القوتين لها أن تجمع و تمنع، و بهاتين القوتين لها أن تقسم الأمور و تفصل الأحوال. ثم تعرض الأقسام و الأحوال على العقل. فيختار العقل الذي هو كالبصر النافذ له، من العقائد: الحق دون الباطل. و من الأقوال: الصدق دون الكذب. و من الأفعال: الخير دون الشر، و يختار بقوته العملية من لوازم القوة الغضبية:

الشدة، و الشجاعة، و الحمية؛ دون الذلة و الجبن و النذالة. و يختار بها أيضا من لوازم القوة الشهوية: التآلف، و التودّد، و البذاذة [2] دون الشره، و المهانة، و الخساسة.

فيكون من أشد الناس حمية على خصمه و عدوه، و من أرحم الناس تذللا و تواضعا لوليّه و صديقه. و إذا بلغ هذا الكمال فقد استخدم القوتين، و استعملهما في جانب الخير.

ثم يترقى منه إلى إرشاد الخلائق في تزكية النفوس عن العلائق، و إطلاقها عن قيد الشهوة و الغضب، و إبلاغها إلى حد الكمال.


[1] الحذو: التقدير و القطع، و في الحديث: لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل، أي تعملون مثل أعمالهم كما تقطع إحدى النعلين على قدر الأخرى. (انظر لسان العرب مادة حذا).

[2] البذاذة: رثاثة الهيئة، و في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: البذاذة من الإيمان؛ قال الكسائي: البذاذة هو أن يكون الرجل متقهّلا رثّ الهيئة.

نام کتاب : الملل و النحل نویسنده : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    جلد : 2  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست