الجبر هو نفي الفعل حقيقة
عن العبد و إضافته إلى الرب تعالى. و الجبرية أصناف. فالجبرية الخالصة: هي التي لا
تثبت للعبد فعلا و لا قدرة على الفعل أصلا. و الجبرية المتوسطة: هي التي تثبت
للعبد قدرة غير مؤثرة أصلا. فأما من أثبت للقدرة الحادثة أثرا ما في الفعل، و سمى
ذلك كسبا فليس بجبريّ.
و المعتزلة يسمون من لم
يثبت للقدرة الحادثة أثرا في الإبداع و الإحداث استقلالا جبريا. و يلزمهم أن يسموا
من قال من أصحابهم بأن المتولدات أفعال لا فاعل لها جبريا. إذ لم يثبتوا للقدرة
الحادثة فيها أثرا. و المصنفون في المقالات عدوا النّجّارية و الضّرارية من الجبرية.
و كذلك جماعة الكلابية من الصفاتية.
و الأشعرية سموهم تارة
حشويّة، و تارة جبرية. و نحن سمعنا إقرارهم على أصحابهم من النّجّارية و الضّرارية
فعددناهم من الجبرية. و لم نسمع إقرارهم على غيرهم فعددناهم من الصفاتية.
أصحاب جهم[2] بن صفوان، و هو من الجبرية الخالصة.
ظهرت بدعته بترمذ[3]، و قتله سلم[4] بن أحوز المازني بمرو[5] في آخر ملك بني أمية. وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية، و زاد
عليهم بأشياء.
منها قوله: لا يجوز أن
يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه، لأن
[1] راجع في شأن هذه
الفرقة. (التبصير ص 62 و الفرق بين الفرق ص 211).
[3] ترمذ: اسم مدينة
على نهر جيحون. (راجع معجم ثامن ص 382).
[4] وقع في العبر 1: 66
«سلم بن أحور» بالراء المهملة، و هو في كلّ كتب المقالات بالزاي و هو من قواد نصر
بن سيّار في خراسان في أواخر بني أميّة. (راجع مقالات الإسلاميين و التبصير).
[5] مرو: هي مرو العظمى
أشهر مدن خراسان. و النسبة إليها مروزي. (راجع معجم 8: 33).