الأعم، و ليت شعري! كيف
يمكنه إثبات الاشتراك و الافتراق، و العموم و الخصوص حقيقة و هو من نفاة الأحوال؟
فأما على مذهب أبي هاشم فلعمري هو مطرد، غير أن القدم إذا بحث عن حقيقته رجع إلى
نفي الأولية، و النفي يستحيل أن يكون أخص وصف الباري.
و اختلفا في كونه سميعا
بصيرا، فقال الجبائي: معنى كونه سميعا بصيرا أنه حي لا آفة به.
و خالفه ابنه و سائر
أصحابه، أما ابنه فصار إلى أن كونه سميعا حالة، و كونه بصيرا حالة، و كونه بصيرا
حالة سوى كونه عالما؛ لاختلاف القضيتين و المفهومين، و المتعلقين، و الأثرين.
و قال غيره من أصحابه:
معناه كونه مدركا للمبصرات، مدركا للمسموعات.
و اختلفا أيضا في بعض
مسائل اللطف، فقال الجبائي فيمن يعلم الباري تعالى من حاله أنه لو آمن مع اللطف
لكان ثوابه أقل لقلة مشقته، و لو آمن بلا لطف لكان ثوابه أكثر لكثرة مشقته: إنه لا
يحسن منه أن يكلفه مع اللطف، و يسوى بينه و بين من المعلوم من حاله أنه لا يفعل
الطاعة على كل وجه إلا مع اللطف، و يقول: إذ لو كلفه مع عدم اللطف لوجب أن يكون
مستفسدا حاله، غير مزيح لعلته.
و يخالفه أبو هاشم في بعض
المواضع في هذه المسألة، قال: يحسن منه تعالى أن يكلفه الإيمان على أشق الوجهين
بلا لطف.
و اختلفا في فعل الألم
للعوض، فقال الجبائي: يجوز ذلك ابتداء لأجل العوض، و عليه بني آلام الأطفال، و قال
ابنه: إنما يحسن ذلك بشرط العوض و الاعتبار جميعا.