جميع عمره، و قد علم اللّه
أنه يأتي بما يحبط أعماله و لو بكبيرة لم يكن مستحقا للوعد، و كذلك على العكس، و
صاحبه عباد[1] من المعتزلة، و كان يمتنع من إطلاق
القول بأن اللّه تعالى خلق الكافر، لأن الكافر كفر، و إنسان، و اللّه تعالى لا
يخلق الكفر، و قال النبوة جزاء على عمل، و إنها باقية ما بقيت الدنيا.
و حكى الأشعري[2] عن عباد أنه زعم أنه لا يقال إن اللّه
تعالى لم يزل قائلا و لا غير قائل، و وافقه الإسكافي على ذلك، قال و لا يسمى
متكلما.
و كان الفوطي يقول إن
الأشياء قبل كونها معدومة؛ ليست أشياء، و هي بعد أن تعدم عن وجود تسمى أشياء. و
لهذا المعنى كان يمنع القول بأن اللّه تعالى قد كان لم يزل عالما بالأشياء قبل
كونها، فإنها لا تسمى أشياء. قال: و كان يجوز القتل و الغيلة على المخالفين
لمذهبه، و أخذ أموالهم غصبا و سرقة لاعتقاده كفرهم، و استباحة دمائهم و أموالهم[3].
أصحاب عمرو بن بحر أبي
عثمان الجاحظ[5]، كان من فضلاء المعتزلة
[1] هو أحد رجال الطبقة
السابعة من المعتزلة، بينه و بين عبد اللّه بن سعيد مناظرة و كان في أيام المأمون
و قد زعم أن بين اللفظ و المعنى طبيعة مناسبة فردوا عليه ذلك و قد أخذ عن هشام
الفوطي و كان الجبائي يصفه بالحذق و قد ملأ الأرض كتبا و خلافا و خرج عن حدّ
الاعتزال إلى الكفر و الزندقة. يظن أنه توفي في حدود سنة 250 ه. (راجع لسان
الميزان 3: 229 و التبصير ص 46).
[2] في «مقالات
الإسلاميين» أن عبادا كان يقول: هو عالم قادر حي، و لا أثبت له علما، و لا قدرة و
لا حياة، و لا أثبت له سمعا، و لا أثبت له بصرا. و أقول: هو عالم لا بعلم، و قادر
لا بقدرة، حي لا بحياة و سميع لا بسمع. و كذلك سائر ما يسمّى به من الأسماء التي
يسمى بها، لا لفعله و لا لفعل غيره.
و كان ينكر أن يقال إن
للباري وجها و يدين و عينين و جنبا ... و كان إذا سئل عن القول عزيز، قال:
إثبات اسم اللّه، و لم
يقل أكثر من هذا. و كذلك جوابه في عظيم، مالك، سيّد.
[3] كان أهل السنّة
يقولون في الفوطي و أتباعه: إن دماءهم و أموالهم حلال للمسلمين و فيه الخمس، و ليس
على قاتل الواحد منهم قود، و لا دية و لا كفّارة، بل لقاتله عند اللّه تعالى
القربى و الزلفى. (راجع الفرق بين الفرق ص 164).
[4] انظر في شأن هذه
الفرقة. (التبصير ص 49 و الفرق بين الفرق ص 175).
[5] توفي الجاحظ سنة
250 ه. و يقال سنة 255 ه. (راجع طبقات المعتزلة ص 67 و العبر 1: 456 و ابن خلكان
الترجمة 479).