قال: و هو الذي اختاره من
الأقوال المختلفة في القرآن.
و قال في تحسين العقل و
تقبيحه: إن العقل يوجب معرفة اللّه تعالى بجميع أحكامه و صفاته قبل ورود الشرع، و
عليه يعلم أنه إن قصر و لم يعرفه و لم يشكره عاقبه عقوبة دائمة، فأثبتنا التخليد
واجبا بالعقل.
أصحاب ثمامة بن أشرس[2] النميري، كان جامعا بين سخافة الدين و
خلاعة[3] النفس، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في
النار إذا مات على فسقه من غير توبة، و هو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين، و
انفرد عن أصحابه بمسائل:
منها قوله: إن الأفعال
المتولّدة لا فاعل لها؛ إذ لم يمكنه إضافتها إلى فاعل أسبابها حتى يلزمه أن يضيف
الفعل إلى ميت، مثل ما إذا فعل السبب و مات و وجد المتولد بعده و لم يمكنه إضافتها
إلى اللّه تعالى، لأنه يؤدي إلى فعل القبيح، و ذلك محال، فتحير فيه و قال
المتولدات أفعال لا فاعل لها.
و منها قوله في الكفار و
المشركين و المجوس، و اليهود و النصارى و الزنادقة و الدهرية: إنهم يصيرون في
القيامة ترابا، و كذلك قوله في البهائم و الطيور و أطفال المؤمنين.
[1] راجع في شأن هذه
الفرقة. (الفرق بين الفرق ص 172 و التبصير ص 48).
[2] هو أبو معن. من
كبار المعتزلة. كان له اتصال بالرشيد ثم بالمأمون. من تلاميذه الجاحظ. عدّه
المقريزي في رؤساء الفرق الهالكة. قال ابن حزم: كان ثمامة يقول: إن العالم فعل
اللّه بطباعه. و قال الجاحظ: ما علمت أنه كان في زمانه قروي و لا بلدي بلغ من حسن
الإفهام مع قلّة عدد الحروف و لا من سهولة المخرج مع السلامة من التكلّف ما كان
بلغه. توفي سنة 213 ه/ 828 م. (راجع لسان الميزان 2: 83 و البيان و التبيين 1:
61).
[3] قال أبو محمد: «ثم
نصير إلى ثمامة فنجده من رقة الدين و تنقص الإسلام و الاستهزاء به و إرساله لسانه
على ما لا يكون على مثله رجل يعرف اللّه تعالى. و من المحفوظ عنه المشهور أنه رأى
قوما يتعادون يوم الجمعة إلى المسجد لخوفهم فوت الصلاة فقال انظروا إلى البقر
انظروا إلى الحمير ثم قال لرجل من إخوانه: ما صنع هذا العربي بالناس؟. (راجع تأويل
مختلف الحديث ص 60).