أصحاب بشر[1] بن المعتمر. كان من أفضل علماء
المعتزلة، و هو الذي أحدث القول بالتولد[2] و أفرط فيه. و انفرد عن أصحابه بمسائل ست:
الأولى منها: إنه زعم أن
اللون و الطعم و الرائحة و الإدراكات كلها من السمع، و الرؤية يجوز أن تحصل متولدة
من فعل العبد، إذا كانت أسبابها من فعله. و إنما أخذ هذا من قول الطبيعيين، إلا
أنهم لا يفرقون بين المتولد و المباشر بالقدرة. و ربما لا يثبتون القدرة على منهاج
المتكلمين. و قوة الفعل و قوة الانفعال غير القدرة التي يثبتها المتكلم.
الثانية: قوله: إن
الاستطاعة هي سلامة البنية، و صحة الجوارح، و تخليتها من الآفات، و قال: لا أقول:
يفعل بها في الحالة الأولى، و لا في الحالة الثانية، لكني أقول: الإنسان يفعل، و
الفعل لا يكون إلا في الثانية.
الثالثة: قوله: إن اللّه
تعالى قادر على تعذيب الطفل، و لو فعل ذلك كان ظالما إياه. إلا أنه لا يستحسن أن
يقال ذلك في حقه، بل يقال: لو فعل ذلك كان الطفل بالغا عاقلا، عاصيا بمعصية
ارتكبها، مستحقا للعقاب. و هذا كلام متناقض.
الرابعة: حكى الكعبي عنه
أنه قال[3]: إرادة اللّه تعالى فعل من أفعاله، و
هي على وجهين: صفة ذات، و صفة فعل. فأما صفة الذات فهي أن اللّه تعالى لم يزل
مريدا لجميع أفعاله، و لجميع الطاعات من عباده فإنه حكيم و لا يجوز أن يعلم الحكيم
صلاحا و خيرا و لا يريده. و أما صفة الفعل فإن أراد بها فعل نفسه في حال
[2] قوله هذا مخالف
لإجماع المسلمين فأهل السنّة لا يقولون بالتولد أصلا فالحوادث كلّها لا بدّ لها من
محدث صانع، و المعتزلة يقولون به و لا يفرطون.
[3] «قال بشر بن
المعتمر و من ذهب مذهبه: إرادة اللّه غير اللّه. و الإرادة على ضربين: إرادة وصف
بها، و هي فعل من فعله. و إرادة وصف بها في ذاته. و إن إرادته الموصوف بها في ذاته
غير لا حقة بمعاصي خلقه. و جوّز وقوعها على سائر الأشياء». (راجع مقالات
الإسلاميين 1: 513).