فإذا وصف بها شرعا في
أفعاله فالمراد بذلك أنه خالقها و منشئها على حسب ما علم. و إذا وصف بكونه مريدا
لأفعال العباد فالمعنيّ به أنه آمر بها و ناه عنها.
و عنه أخذ الكعبي مذهبه في
الإرادة.
الثالثة: قوله إن أفعال
العباد كلها حركات فحسب. و السكون حركة اعتماد.
و العلوم و الإرادات حركات
النفس. و لم يرد بهذه الحركة حركة النقلة و إنما الحركة عنده مبدأ تغير ما، كما
قالت الفلاسفة من إثبات حركات في الكيف، و الكم، و الوضع، و الأين و المتى ... إلى
أخواتها.
الرابعة: وافقهم أيضا في
قولهم إن الإنسان في الحقيقة هو النفس و الروح، و البدن آلتها و قالبها. غير أنه
تقاصر عن إدراك مذهبهم فمال إلى قول الطبيعيين منهم أن الروح جسم لطيف مشابك للبدن
مداخل للقلب بأجزائه مداخلة المائية في الورد، و الدهنية في السمسم، و السمنية في
اللبن. و قال إن الروح هي التي لها قوة، و استطاعة و حياة و مشيئة. و هي مستطيعة
بنفسها، و الاستطاعة قبل الفعل.
الخامسة: حكى الكعبي عنه
أنه قال: إن كل ما جاوز حد القدرة من الفعل فهو من فعل اللّه بإيجاب الخلقة: أي أن
اللّه تعالى طبع الحجر طبعا، و خلقه خلقة إذا دفعته اندفع، و إذا بلغت قوة الدفع
مبلغها عاد الحجر إلى مكانه طيعا. و له في الجواهر و أحكامها خبط و مذهب يخالف
المتكلمين و الفلاسفة.
السادسة: وافق الفلاسفة في
نفي الجزء الذي لا يتجزأ[1].
و أحدث القول بالطفرة لما ألزم مشي نملة على صخرة من طرف إلى طرف أنها قطعت
[1] إنه يقول بانقسام
كل جزء لا إلى نهاية و في ضمن قوله، إحالة كون اللّه تعالى محيطا بآخر العالم
عالما بها، و اللّه تعالى يقول: وَ أَحْصى كُلَّ
شَيْءٍ عَدَداً، و إلى ما يلزم على هذا القول من قدم العالم، و هذا مستحيل لا
يقبله العقل و كلمة أبو الهذيل في أن أجزاء الجزء لا تتناهى فقال: لو كان كل جزء
من الجسم لا نهاية له لكانت النملة إذا دبّت على البقلة لا تنتهي إلى طرفها فقال
إنها تطفر بعضا و تقطع بعضا. و هذا منه كلام لا تقبله العقول لأن ما لا يتناهى كيف
يمكن قطعه بالطفرة فصار قوله مثلا سائرا يضرب لكل من تكلّم بكلام لا تحقيق له و لا
يتقرّر في العقل معناه. (راجع التبصير ص 43).