و أمّا التوحيد فقد قال
أهل السنّة، و جميع الصفاتية[1]: إن اللّه تعالى واحد في ذاته لا قسيم[2] له. و واحد في صفاته الأزلية لا نظير له، و واحد في أفعاله لا شريك
له.
و قال أهل العدل: إن اللّه
تعالى واحد في ذاته، لا قسمة و لا صفة له، و واحد في أفعاله لا شريك له. فلا قديم
غير ذاته، و لا قسيم له في أفعاله. و محال وجود قديمين، و مقدور بين قادرين، و ذلك
هو التوحيد.
و أمّا العدل فعلى مذهب
أهل السنّة أن اللّه تعالى عدل في أفعاله، بمعنى أنه متصرف في ملكه و ملكه، بفعل
ما يشاء و يحكم ما يريد. فالعدل: وضع الشيء موضعه، و هو التصرّف في الملك على
مقتضى المشيئة و العلم، و الظلم بضده، فلا يتصوّر منه جور في الحكم و ظلم في
التصرّف. و على مذهب أهل الاعتزال:
العدل ما يقتضيه العقل من
الحكمة؛ و هو إصدار الفعل على وجه الصواب و المصلحة.
و أمّا الوعد و الوعيد فقد
قال أهل السنة: الوعد و الوعيد كلامه الأزلي. وعد على ما أمر، و أوعد على ما نهى.
فكل من نجا و استوجب الثواب فبوعده، و كل من هلك و استوجب العقاب فبوعيده، فلا يجب
عليه شيء من قضية العقل.
و قال أهل العدل: لا كلام
في الأزل، و إنما أمر و نهى، و وعد و أوعد بكلام محدث، فمن نجا فبفعله استحق
الثواب، و من خسر فبفعله استوجب العقاب، و العقل من حيث الحكمة يقتضي ذلك.
و أمّا السمع و العقل، فقد
قال أهل السنّة: الواجبات كلها بالسمع، و المعارف كلها بالعقل. فالعقل لا يحسن و
لا يقبح، و لا يقتضي و لا يوجب. و السمع لا يعرّف، أي لا يوجد المعرفة، بل يوجب.
[1] هم جماعة كثيرة من
السلف كانوا يثبتون للّه تعالى صفات أزليّة و لا يفرقون بين صفات الذات و صفات
الفعل. و لما كانت المعتزلة تنفي الصفات و السلف يثبتون، سمي السلف صفاتية و
المعتزلة معطلة.
[2] لا قسيم له: لا
شريك له. و قسيم المرء: الذي يقاسمه أرضا أو مالا.