1- قد ذكرنا معنى الإسلام،
و نفرق هاهنا بينه و بين الإيمان و الإحسان. و نبيّن ما المبدأ، و ما الوسط، و ما
الكمال بالخبر المعروف في دعوة جبريل عليه السلام حيث جاء على صورة أعرابيّ و جلس
حتى ألصق ركبته بركبة النبي صلى اللّه عليه و سلّم، و قال: «يا رسول اللّه، ما
الإسلام؟ فقال: أن تشهد أن لا إله إلّا اللّه و أنّي رسول اللّه، و أن تقيم
الصّلاة، و تؤتي الزّكاة، و تصوم شهر رمضان، و تحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا.
قال: صدقت. ثمّ قال: ما الإيمان؟ قال عليه الصّلاة و السّلام: أن تؤمن باللّه و
ملائكته و كتبه و رسله، و اليوم الآخر، و أن تؤمن بالقدر خيره و شرّه. قال:
صدقت. ثمّ قال: ما الإحسان؟
قال عليه الصّلاة و السّلام: أن تعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه
يراك. قال: صدقت. ثمّ قال: متى السّاعة؟ قال عليه الصّلاة و السّلام: ما المسئول
عنها بأعلم من السّائل، ثمّ قام و خرج، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و سلّم: هذا
جبريل جاءكم يعلّمكم أمر دينكم».
ففرّق في التفسير بين
الإسلام و الإيمان. و الإسلام قد يرد بمعنى الاستسلام ظاهرا، و يشترك فيه المؤمن و
المنافق. قال اللّه تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ
آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا[1] ففرق التنزيل بينهما.
فإذا كان الإسلام بمعنى
التسليم و الانقياد ظاهرا موضع الاشتراك، فهو المبدأ.
ثم إذا كان الإخلاص معه
بأن يصدّق باللّه و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر، و يقر عقدا بأن القدر
خيره و شره من اللّه تعالى؛ بمعنى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه،