موجود فهو في جنسه أو
نوعه، أو شخصه واحد، يقال: إنسان واحد، و شخص واحد. و في العدد كذلك، فإن الثلاثة
في أنها ثلاثة واحدة. فالواحدية بالمعنى الأوّل داخلة في العدد، و بالمعنى الثاني
علّة العدد، و بالمعنى الثالث ملازمة العدد، و ليس من الأقسام الثلاثة قسم يطلق
على الباري تعالى معناه، فهو واحد لا كالآحاد:
أي هذه الواحدات، و الكثرة
منه وجدت، و يستحيل عليه الانقسام بوجه من وجوه القسمة.
و أكثر أصحاب العدد على أن
الواحد لا يدخل في العدد، فالعدد مصدره الأوّل اثنان، و هو ينقسم إلى زوج و فرد.
فالفرد الأوّل ثلاثة، و الزوج الأوّل أربعة، و ما وراء الأربعة فهو مكرر كالخمسة
فإنها مركبة من عدد و فرد، و تسمى العدد الدائر و الستة مركبة من فردين و تسمى
العدد التام، و السبعة مركبة من فرد و زوج، و تسمى العدد الكامل؛ و الثمانية مركبة
من زوجين و هي بداية أخرى و ليس ذلك من غرضنا.
فصدر الحساب في مقابلة
الواحد الذي هو علّة العدد، و ليس يدخل فيه.
و لذلك هو فرد لا أخت له.
و لمّا كان العدد مصدره من اثنين، صار منها المحقق محصورا في قسمين. و لمّا كان
العدد منقسما إلى فرد و زوج، صار من ذلك الأصل محصورا في أربعة. فإن الفرد الأوّل
ثلاثة، و الزوج الأوّل أربعة و هي النهاية، و ما عداها مركّب منها. فكان البسائط
العامة الكلية في العدد: واحد، اثنان، و ثلاثة، و أربعة و هي الكمال. و ما زاد
عليها فمركبات كلها و لا حصر لها، فلذلك لا تنحصر الأبواب الأخر في عدد معلوم، بل
تتناهى بما ينتهي به الحساب، ثم تركيب العدد و المعدود، و تقدير البسيط على
المركّب فمن علم آخر. و سنذكر ذلك عند ذكرنا مذاهب قدماء الفلاسفة.
فإذا نجزت المقدمات على
أوفى تقرير و أحسن تحرير، شرعنا في ذكر مقالات أهل العالم من لدن آدم عليه السلام
إلى يومنا هذا، لعله لا يشذ من أقسامها مذهب.