هؤلاء هم أصحاب الاثنين
الأزليين: يزعمون أن النور و الظلمة أزليان قديمان بخلاف المجوس، فإنهم قالوا
بحدوث الظلام، و ذكروا سبب حدوثه.
و هؤلاء قالوا بتساويهما
في القدم، و اختلافهما في الجوهر و الطبع و الفعل و الحيز، و المكان و الأجناس و
الأبدان و الأرواح.
1- المانوية
أصحاب ماني[1] بن فاتك الحكيم الذي ظهر في زمان
سابور[2] بن أردشير، و قتله بهرام[3] بن هرمز بن سابور، و ذلك بعد عيسى ابن
مريم عليه السلام. أحدث دينا بين المجوسية و النصرانية، و كان يقول بنبوة المسيح
عليه السلام و لا يقول بنبوة موسى عليه السلام.
حكى محمد[4] بن هارون المعروف بأبي عيسى الوراق، و
كان في الأصل مجوسيا عارفا بمذاهب القوم: أن الحكيم ماني زعم أن العالم مصنوع مركب
من أصلين قديمين. أحدهما نور، و الآخر ظلمة، و أنهما أزليان لم يزالا، و لن يزالا،
و أنكر وجود شيء إلا من أصل قديم، و زعم أنهما لم يزالا قويين حساسين، دراكين
سميعين بصيرين، و هما مع ذلك في النفس، و الصورة، و الفعل، و التدبير، متضادان، و
في الحيز متحاذيان تحاذي الشخص و الظل.
و إنما تتبين جواهرهما و
أفعالهما في هذا الجدول:
[1] ماني بن فتق بابك،
الثنوي الزنديق صاحب القول بالنور و الظلمة ظهر أيام سابور بن أردشير ملك الفرس،
فاتبعه قليلا ثم رجع إلى المجوسية دين آبائه. (راجع ترجمته عند ابن خلدون 1: 256 و
فهرست ابن النديم ص 456).
[2] ملك بعد أبيه و
أفاض العطاء. هلك لثلاثين من ملكه. (ابن خلدون 1: 253).
[3] بهرام بن هرمز: ولي
بعد أبيه. كان حليما حسن السيرة و اقتدى بآبائه. هلك بهرام لثلاث سنين و ثلاثة
أشهر من دولته. (ابن خلدون 1: 256).
[4] محمد بن هارون
الوراق أبو عيسى: له تصانيف على مذهب المعتزلة مات سنة 247 ه. قال ابن النديم في
الفهرست: كان من نظاري المعتزلة ثم خلط و عنه أخذ ابن الراوندي. (لسان الميزان 5:
412).