و بوطينوس، و بولس
الشمشاطي يقولان: إن الإله واحد. و إن المسيح ابتدأ من مريم عليها السلام، و إنه
عبد صالح مخلوق؛ إلا أن اللّه تعالى شرفه و كرمه لطاعته و سماه ابنا على التبني،
لا على الولادة و الاتحاد.
و من النسطورية قوم يقال
لهم المصلين، قالوا في المسيح مثل ما قال نسطور، إلا أنهم قالوا: إذا اجتهد الرجل
في العبادة، و ترك التغذي باللحم، و الدسم، و رفض الشهوات الحيوانية، و النفسانية،
تصفى جوهره حتى يبلغ ملكوت السماوات و يرى اللّه تعالى جهرة، و ينكشف له ما في
الغيب فلا تخفى عليه خافية في الأرض و لا في السماء.
و من النسطورية من ينفي
التشبيه؛ و يثبت القول بالقدر، خيره و شره من العبد كما قالت القدرية.
أصحاب يعقوب. قالوا
بالأقانيم الثلاثة كما ذكرنا، إلا أنهم قالوا: انقلبت الكلمة لحما و دما، فصار
الإله هو المسيح. و هو الظاهر بجسده، بل هو هو. و عنهم أخبرنا القرآن الكريم: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ
ابْنُ مَرْيَمَ[2].
فمنهم من قال: إن المسيح
هو اللّه تعالى.
و منهم من قال: ظهر
اللاهوت بالناسوت، فصار ناسوت المسيح مظهر الجوهر، لا على طريق حلول جزء فيه، و لا
على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة، بل صار هو هو. و هذا كما يقال: ظهر
الملك بصورة إنسان، أو ظهر الشيطان بصورة حيوان. و كما أخبر التنزيل عن جبريل عليه
السلام فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا[3].
[1] اليعقوبية ينسبون
إلى يعقوب البرذعاني و كان راهبا بالقسطنطينية و قيل إنهم أهل مذهب ديسقورس. قال
ابن العميد و إنما سمي أهل مذهب ديسقورس يعقوبية لأن اسمه كان في الغلمانية يعقوب
.. و قيل بل كان له تلميذ اسمه يعقوب فتسبوا إليه. (ابن خلدون 1: 225 و ابن حزم 1:
49).