في زمانه، و ليس هو
المحسوس الذي يرونه. و لكن لما نزل إلى هذا العالم لبس تلك الصورة فرآه الناس
فيها.
و لما وقف عيسى بن موسى
صاحب المنصور على خبث دعوته قتله بسبخة الكوفة. و افترقت الخطابية بعده فرقا.
فزعمت فرقة أن الإمام بعد
أبي الخطاب رجل يقال له معمر[1]، و دانوا به كما دانوا بأبي الخطاب. و زعموا أن الدنيا لا تفنى، و
أن الجنة هي التي تصيب الناس من خير و نعمة و عافية. و أن النار هي التي تصيب
الناس من شر و مشقة و بلية.
و استحلّوا الخمر و الزنا،
و سائر المحرمات. و دانوا بترك الصلاة و الفرائض. و تسمى هذه الفرقة المعمرية.
و زعمت طائفة أن الإمام
بعد أبي الخطاب: بزيغ[2]،
و كان يزعم أن جعفرا هو الإله؛ أي ظهر الإله بصورته للخلق. و زعم أن كل مؤمن يوحى
إليه من اللّه، و تأول قول اللّه تعالى: وَ ما كانَ
لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ[3] أي يوحى إليه من اللّه. و كذلك قوله تعالى:
وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ[4] و زعم أن من أصحابه من هو أفضل من جبريل و ميكائيل. و زعم أن الإنسان
إذا بلغ الكمال لا يقال له إنه قد مات، و لكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل رجع
إلى الملكوت. و ادعوا كلهم معاينة أمواتهم، و زعموا أنهم يرونهم بكرة و عشية. و
تسمى هذه الطائفة البزيغية.
[1] هو معمر بن خيثم
أبو بشار الشعيري. ادعى الألوهية و قد خرج ابن اللبان يدعو إليه و قال إنه اللّه
عز و جل و صلى له و صام و أحل الشهوات كلّها ما حلّ منها و ما حرم و زعم أن كل
شيء أحلّه اللّه في القرآن و حرمه فإنما هو أسماء رجال. (فرق الشيعة ص 43 و 44).
[2] هو بزيغ بن موسى
الحائك و قد لعنه الصادق و لعن جماعة معه، و قد زعمت فرقته أنه نبي رسول و قد
أرسله جعفر و شهد لأبي الخطاب بالرسالة و برئ أبو الخطاب و أصحابه من بزيغ كما برئ
منه جعفر و شهد أنه كافر شيطان. (فرق الشيعة ص 43 و 44).