و بين الإخبارية منهم و
الكلامية سيف و تكفير، و كذلك بين التفضيلية و الوعيدية قتال و تضليل، أعاذنا
اللّه من الحيرة.
و من العجب أن القائلين
بإمامة المنتظر مع هذا الاختلاف العظيم الذي بينت لا يستحيون فيدعون فيه أحكام
الإلهية، و يتأولون قوله تعالى عليه: وَ قُلِ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ
إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ[1].
قالوا: هو الإمام المنتظر
الذي يردّ إليه علم الساعة، و يدّعون فيه أنه لا يغيب عنا، و سيخبرنا بأحوالنا،
حين يحاسب الخلق، إلى تحكمات باردة، و كلمات عن العقول شاردة.
المرتضى، و المجتبى، و
الشهيد، و السّجّاد، و الباقر، و الصّادق، و الكاظم، و الرضي، و التقي، و النقي، و
الزكي، و الحجة القائم المنتظر.
4- الغالية
هؤلاء هم الذين غلوا في حق
أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقية، و حكموا فيهم بأحكام الإلهية، فربما شبهوا
واحدا من الأئمة بالإله، و ربما شبهوا الإله بالخلق، و هم على طرفي الغلو و
التقصير، و إنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية[3]، و مذاهب التناسخية[4]، و مذاهب اليهود و النصارى، إذ اليهود شبهت
[2] في وفيات الأعيان
4: 274 أنهما لأبي بكر محمد بن باجة المعروف بابن الصائغ الأندلسي. و قيل إن
البيتين لأبي علي ابن سينا.
[3] هم في الفرق بين
الفرق (ص 254): «عشر فرق كلّها كانت في دولة الإسلام و غرض جميعها القصد إلى إفساد
القول بتوحيد الصانع».
و الحلول في رأي الحكماء
هو اختصاص شيء بشيء بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر، و حلول
الشيء في الشيء و عبارة عن نزوله فيه. (تعريفات ص 63).
[4] التناسخ عبارة عن
تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمانين بين التعلقين
للتعشّق الذاتي بين الروح و الجسد. (تعريفات ص 67).