الصادق، و هو ذو علم غزير
في الدين، و أدب كامل في الحكمة، و زهد بالغ في الدنيا، و ورع تام عن الشهوات.
و قد أقام بالمدينة مدة
يفيد الشيعة المنتمين إليه، و يفيض على الموالين له أسرار العلوم. ثم دخل العراق و
أقام بها مدة. ما تعرض للإمامة قط، و لا نازع أحدا في الخلافة قط. و من غرق في بحر
المعرفة لم يطمع في شطّ، و من تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط. و قيل: من أنس
باللّه توحش عن الناس، و من استأنس بغير اللّه نهبه الوسواس.
و هو من جانب الأب ينتسب
إلى شجرة النبوة، و من جانب الأم ينتسب إلى أبي بكر[1] الصديق رضي اللّه عنه. و قد تبرأ عما كان ينسب إليه بعض الغلاة و
برئ منهم و لعنهم. و برئ من خصائص مذاهب الرافضة و حماقاتهم من القول بالغيبة و
الرجعة، و البداء، و التناسخ، و الحلول و التشبيه. لكن الشيعة بعده افترقوا و
انتحل كل واحد منهم مذهبا، و أراد أن يروّجه على أصحابه فنسبه إليه و ربطه به، و
السيد برئ من ذلك و من الاعتزال، و القدر أيضا.
هذا قوله في الإرادة «إن
اللّه تعالى أراد بنا شيئا و أراد منا شيئا. فما أراده بنا طواه عنا، و ما أراده
منا أظهره لنا. فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا؟».
- المدينة و يقول: يا
باقر، يا باقر، متى ألقاك؟ فمرّ يوما في بعض سكك المدينة فناولته جارية صبيا كان
في حجرها فقال لها: من هذا؟ فقالت: هذا محمد بن علي بن الحسين بن علي، فضمه إلى
صدره و قبّل رأسه و يديه ثم قال: يا بنيّ جدّك رسول اللّه يقرئك السلام. ثم قال
جابر: قد نعيت إلى نفسي فمات في تلك الليلة.
و حجتهم في هذا أن رسول
اللّه بعث يقرئ عليه السلام. فدلّ على أنه المهدي المنتظر».
[1] أمّه أم فروة و قيل
أم القاسم و اسمها قريبة أو فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. و أمها أسماء
بنت عبد الرحمن بن أبي بكر و هذا معنى قول الصادق إن أبا بكر ولدني مرّتين و في
ذلك يقول الشريف الرضي: