الصلاة و السلام و هو على
الرحال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر
من نصره، و اخذل من خذله، و أدر الحقّ معه حيث دار، أ لا هل بلّغت؟ ثلاثا» فادعت
الإمامية أن هذا نص صريح.
فإننا ننظر من كان النبي
صلّى اللّه عليه و سلّم مولى له؟ و بأيّ معنى؟ فنطرد ذلك في حق علي رضي اللّه عنه،
و قد فهمت الصحابة من التولية ما فهمناه، حتى قال عمر حين استقبل عليا: طوبى لك يا
علي! أصبحت مولى كل مؤمن و مؤمنة.
قالوا: و قول النبي عليه
الصلاة و السلام: «أقضاكم عليّ» نص في الإمامة، فإن الإمامة لا معنى لها إلا أن
يكون أقضى القضاة في كل حادثة، و الحاكم على المتخاصمين في كل واقعة، و هو معنى
قول اللّه سبحانه و تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ
أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[1] قالوا: فأولو الأمر، من إليه القضاء و الحكم. حتى و في مسألة
الخلافة لما تخاصمت المهاجرون و الأنصار، كان القاضي في ذلك هو أمير المؤمنين علي
دون غيره، فإن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كما حكم لكل واحد من الصحابة بأخص وصف
له فقال: «أقرضكم زيد[2]،
و أقرؤكم أبيّ[3]، و أعرفكم بالحلال و الحرام معاذ[4]» و كذلك حكم لعلي بأخص وصف له، و هو
قوله «أقضاكم عليّ» و القضاء يستدعي كل علم، و ليس كل علم يستدعي القضاء.
ثم إن الإمامية تخطت عن
هذه الدرجة إلى الوقيعة في كبار الصحابة طعنا
[2] هو زيد بن ثابت بن
الضحاك الأنصاري الخزرجي أبو خارجة. كاتب الوحي. كان رأسا بالمدينة في الفرائض و
الفتوى و القراءة. و كان عمر يستخلفه على المدينة إذا سافر توفي سنة 45 ه/ 665 م.
(راجع تذكرة الحفاظ 1: 124 و تهذيب التهذيب 3: 395).
[3] هو أبي بن كعب بن
قيس بن عبيد، من بني النجار، من الخزرج، أبو المنذر، كان قبل الإسلام حبرا من
أحبار اليهود، كان يكتب و يقرأ على قلّة العارفين بالكتابة في عصره. و لما أسلم
كان من كتاب الوحي. توفي سنة 21 ه/ 642 م. (راجع طبقات ابن سعد 3 القسم الثاني ص
59).
[4] هو معاذ بن جبل بن
عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن، كان أعلم الأمة بالحلال و الحرام.
و هو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي. توفي سنة 18 ه/ 639 م. (راجع
طبقات ابن سعد 3: 120 القسم الثاني).