(ب) السّليمانيّة[1]: أصحاب سليمان[2] بن جرير، و كان يقول إن الإمامة شورى فيما بين الخلق. و يصح أن
تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين، و إنها تصح في المفضول، مع وجود الأفضل.
و أثبت إمامة أبي بكر و
عمر رضي اللّه عنهما حقا باختيار الأمة حقا اجتهاديا.
و ربما كان يقول: إن الأمة
أخطأت في البيعة لهما مع وجود علي رضي اللّه عنه خطأ لا يبلغ درجة الفسق. و ذلك
الخطأ خطأ اجتهادي. غير أنه طعن في عثمان رضي اللّه عنه للأحداث التي أحدثها، و
أكفره بذلك، و أكفر عائشة و الزبير و طلحة رضي اللّه عنهم بإقدامهم على قتال علي
رضي اللّه عنه، ثم إنه طعن في الرافضة، فقال: إن أئمة الرافضة قد وضعوا مقالتين
لشيعتهم، لا يظهر أحد قط عليهم.
إحداهما: القول بالبداء،
فإذا أظهروا قولا: أنه سيكون لهم قوة و شوكة و ظهور. ثم لا يكون الأمر على ما
أظهروه. قالوا: بدا اللّه تعالى في ذلك.
و الثانية: التقية. فكل ما
أرادوا تكلموا به. فإذا قيل لهم في ذلك إنه ليس بحق، و ظهر لهم البطلان قالوا:
إنما قلناه تقية، و فعلناه تقية.
و تابعه على القول بجواز
إمامة المفضول مع قيام الأفضل قوم من المعتزلة منهم: جعفر بن مبشر، و جعفر بن حرب،
و كثير[3] النوى و هو من أصحاب الحديث. قالوا:
الإمامة من مصالح الدين، ليس يحتاج إليها لمعرفة اللّه تعالى و توحيده. فإن ذلك
حاصل بالعقل، لكنها يحتاج إليها لإقامة الحدود، و القضاء بين المتحاكمين و ولاية
اليتامى و الأيامى، و حفظ البيضة، و إعلاء الكلمة، و نصب القتال
[1] راجع في شأن هذه
الفرقة. (الفرق بين الفرق ص 32 و فيه أنهم السليمانية أو الجريرية و التبصير ص 17
و خطط المقريزي و فيه أنهم الجريرية).
[2] كان يقول إن
الصحابة تركوا الأصلح بتركهم مبايعة علي لأنه كان أولاهم بها ... و كفر عثمان بما
ارتكب من الأحداث فكفره أهل السنّة بتكفير عثمان و قد ظهر أيام الخليفة المنصور.
(راجع لسان الميزان 3: 80 و الفرق بين الفرق ص 33).
[3] هو كثير بن إسماعيل
و يقال ابن نافع النواء أبو إسماعيل كان غاليا في التشيّع. (التهذيب 8: 411).