ربي لقلت: و ليت عليهم
خيرهم لهم»[1] و كذلك يجوز أن يكون المفضول إماما و
الأفضل قائم فيرجع إليه في الأحكام، و يحكم بحكمه في القضايا.
و لما سمعت شيعة الكوفة
هذه المقالة منه، و عرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين رفضوه حتى أتى قدره عليه، فسميت
رافضة.
و جرت بينه و بين أخيه
الباقر محمد بن علي مناظرات لا من هذا الوجه، بل من حيث كان يتلمذ لواصل بن عطاء،
و يقتبس العلم ممن يجوز الخطأ على جده في قتال الناكثين، و القاسطين[2]، و المارقين. و من حيث يتكلم في القدر
على غير ما ذهب إليه أهل البيت: و من حيث أنه كان يشترط الخروج شرطا في كون الإمام
إماما، حتى قال له يوما: على مقتضى مذهبك و والدك ليس بإمام، فإنه لم يخرج قط، و
لا تعرض للخروج.
و لما قتل زيد بن علي و
صلب[3] قام بالإمامة بعده يحيى[4] بن زيد، و مضى إلى خراسان، و اجتمعت
عليه جماعة كثيرة. و قد وصل إليه الخبر من الصادق
[1] في سيرة عمر لابن
الجوزي (ص 49 و 51): «لما حضرت أبا بكر الوفاة، بعث إلى عمر يستخلفه. فقال الناس:
استخلف علينا فظا غليظا لو قد ملكنا كان أفظ و أغلظ فما ذا تقول لربّك إذا لقيته و
قد استخلفت علينا عمر؟ فقال أبو بكر أ تخوّفونني بربي؟! أقول يا رب أمرّت عليهم
خير أهلك. ثم أمر من يجمله إلى المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال ...».
[3] كتب عامل العراق
يوسف بن عمر الثقفي إلى الحكم بن الصلت و هو في الكوفة أن يقاتل زيدا، ففعل.
و نشبت معارك انتهت
بمقتل زيد في الكوفة و حمل رأسه إلى الشام فنصب على باب دمشق. ثم أرسل إلى المدينة
فنصب عند قبر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يوما و ليلة، و حمل إلى مصر فنصب
بالجامع، فسرقه أهل مصر و دفنوه. (راجع الإعلام للزركلي 3: 59).
[4] لما قتل زيد بن علي
سنة 121 ه كان ابنه يحيى لم يزل مختفيا في خراسان حتى مات هشام، فظهر أيام الوليد
بن يزيد منكرا للظلم فسار إليه نصر بن سيار فعثر به فحبسه فكتب الوليد بإطلاقه و
إرساله إليه بصحبة أصحابه فأطلقهم و أطلق لهم و جهّزهم إلى دمشق، فلما كانوا ببعض
الطريق توسّم نصر منه غدرا، فبعث إليه جيشا عشرة آلاف مقاتل فكسرهم يحيى و كان معه
سبعون رجلا، و قتل أميرهم و استلب منهم أموالا كثيرة ثم جاءه جيش آخر فقتل يحيى في
المعركة أصابه سهم في صدغه بقرية يقال لها أرغونة سنة 126 ه و دفن بها و قبره
مشهور. (ابن كثير 10: 5 و شذرات 1: 167).