هذا المذهب و تابعه مبيّضة[1] ما وراء النهر. و هؤلاء صنف من
الخزاميّة[2] دانوا بترك الفرائض و قالوا الدين
معرفة الإمام فقط. و منهم من قال: الدين أمران: معرفة الإمام، و أداء الأمانة. و
من حصل له الأمران فقد وصل إلى الكمال، و ارتفع عنه التكليف. و من هؤلاء من ساق
الإمامة إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس من أبي هاشم محمد بن الحنفية وصية
إليه، لا من طريق آخر.
و كان أبو مسلم صاحب
الدولة على مذهب الكيسانية في الأول. و اقتبس من دعاتهم العلوم التي اختصوا بها، و
أحسن منهم أن هذه العلوم مستودعة فيهم، فكان يطلب المستقر فيه، فبعث إلى الصادق
جعفر بن محمد رضي اللّه عنهما: إني قد أظهرت الكلمة، و دعوت الناس عن موالاة بني
أمية إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فيه، فلا مزيد عليك.
فكتب إليه الصادق رضي
اللّه عنه: ما أنت من رجالي، و لا الزمان زماني.
فحاد أبو مسلم إلى أبي
العباس عبد اللّه بن محمد السفاح، و قلده أمر الخلافة.
2- الزيدية
أتباع زيد[3] بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
رضي اللّه عنهم.
ساقوا الإمامة في أولاد
فاطمة رضي اللّه عنها، و لم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم، إلا أنهم جوزوا أن يكون
كل فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالإمامة، أن يكون
[1] في الفرق بين الفرق
ص 257: «و أما المقنّعية فهم المبيّضة بما وراء نهر جيحون و كان زعيمهم المعروف
بالمقنّع ...».
[2] الخرمية: اسم
لأصحاب التناسخ و الحلول و الإباحة، كانوا في زمن المعتصم فقتل شيخهم بابك و
تشتتوا في البلاد. و قد بقيت منهم في جبال الشام بقية ينسبون إلى بابك الخرمي
الطاغية الذي كاد أن يستولي على الممالك زمن المعتصم و كان يرى رأي المزدكية من
المجوس الذين خرجوا أيام قباذ و أباحوا النساء و المحرمات و قتلهم أنوشروان. (راجع
التاج 8: 272).
[3] هو أبو الحسين
العلوي الهاشمي القرشي. يقال له: «زيد الشهيد» توفي سنة 122 ه/ 740 م. (تقدمت
ترجمته).