و عروة بن حدير نجا بعد
ذلك من حرب النهروان و بقي إلى أيام معاوية. ثم أتى إلى زياد[1] بن أبيه و معه مولى له؛ فسأله زياد عن أبي بكر و عمر رضي اللّه
عنهما فقال فيهما خيرا. و سأله عن عثمان، فقال: كنت أوالي عثمان على أحواله في
خلافته ست سنين. ثم تبرأت منه بعد ذلك للأحداث التي أحدثها، و شهد عليه بالكفر. و
سأله عن أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه، فقال: كنت أتولاه إلى أن حكم الحكمين،
ثم تبرأت منه بعد ذلك، و شهد عليه بالكفر. و سأله عن معاوية فسبه سبا قبيحا. ثم
سأله عن نفسه فقال: أوّلك لزنية، و آخرك لدعوة، و أنت فيما بينهما بعد عاص ربك.
فأمر زياد بضرب عنقه. ثم دعا مولاه فقال له: صف لي أمره و أصدق. فقال: أ أطنب أم
أختصر؟ فقال: بل اختصر. قال: ما أتيته بطعام في نهار قط، و لا فرشت له فراشا بليل
قط. هذه معاملته و اجتهاده، و ذلك خبثه و اعتقاده.
أصحاب أبي راشد نافع بن
الأزرق[3] الذين خرجوا مع نافع من البصرة إلى
الأهواز، فغلبوا عليها و على كورها، و ما وراءها من بلدان فارس و كرمان في أيام
عبد اللّه بن الزبير، و قتلوا عماله بهذه النواحي.
و كان مع نافع من أمراء
الخوارج: عطية[4] بن الأسود الحنفي،
[1] هو زياد بن سمية،
الأمير، و يقال: زياد بن عبيد فلما استلحقه معاوية قيل زياد بن أبي سفيان. كان من
شيعة علي و ولّاه أمرة القدس ثم صار أشدّ الناس على ال علي و شيعته توفي سنة 53 ه
و هو على أمرة العراق لمعاوية. (راجع لسان الميزان ص 493).
[2] راجع في بيان آراء
هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص 82 و مقالات الإسلاميين و التبصير).
[3] هو رأس الأزارقة و
إليه نسبتهم خرج في آخر دولة يزيد بن معاوية و كان يعترض الناس بما يحيّر العقل و
اشتدت شوكته و كثرت جموعه فبعث إليه عبد اللّه بن الحارث بن مسلم بن عبس بن كريز
على رأس جيش كثيف فقتل سنة 65 ه/ 685 م. (راجع الكامل للمبرد 2: 171 و رغبة الآمل
7: 103 و خطط المقريزي 2: 354).
[4] من علماء الخوارج و
أمرائهم. و لما قال نافع بتكفير «القعدة» فارقه مع آخرين و انصرف إلى «نجدة بن-