و يزيد[1] بن أبي عاصم المحاربي، و حرقوص بن
زهير البجلي المعروف بذي الثدية[2] و كانوا يومئذ في اثني عشر ألف رجل أهل صلاة و صيام، أعني يوم النهروان.
و فيهم قال النبي صلى
اللّه عليه و سلّم: «تحقر صلاة أحدكم في جنب صلاتهم و صوم أحدكم في جنب صيامهم،
لكن لا يجاوز إيمانهم تراقيهم».
فهم المارقة الذين قال
فيهم: «سيخرج من ضئضئ[3]
هذا الرّجل قوم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة».
و هم الذين أولهم ذو
الخويصرة[4]، و آخرهم ذو الثدية. و إنما خروجهم في
الزمن الأول على أمرين:
أحدهما: بدعتهم في
الإمامة. إذ جوّزوا أن تكون الإمامة في غير قريش[5]، و كل من نصبوه برأيهم و عاشر الناس على ما مثلوا له من العدل و
اجتناب الجور كان إماما. و من خرج عليه يجب نصب القتال معه. و إن غير السيرة و عدل
عن الحق وجب عزله أو قتله. و هم أشد الناس قولا بالقياس. و جوزوا أن لا يكون في
العالم إمام أصلا. و إن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبدا أو حرا، أو نبطيا أو قرشيا.
[1] هو من رءوس
الخوارج. و لما خطب علي فقال: اللّه أكبر كلمة حق يراد بها باطل إن سكتوا عممناهم
و إن تكلموا حجبناهم و إن خرجوا علينا قاتلناهم فوثب يزيد بن عاصم المحاربي فقال:
الحمد للّه غير مودع ربنا، و لا مستغنى عنه اللهم إنا نعوذ بك من إعطاء الدنية في
ديننا فإن إعطاء الدنية في الدين ادهان في أمر اللّه عز و جل، و ذل راجع بأهله إلى
سخط اللّه، يا علي أبا لقتل تخوفنا، أما و اللّه إني لأرجو أن نضربكم بها عما قليل
غير مصفحات، ثم لتعلمن أينا أولى بها صليا، ثم خرج بقومه هو و إخوة له ثلاثة هو
رابعهم فأصيبوا مع الخوارج بالنهروان و أصيب أحدهم بعد ذلك بالنخيلة.
(راجع الطبري 6: 41).
[2] يختلف العلماء في
ضبط هذه الكلمة. (راجع اللسان ث د ي و الكامل للمبرد 2: 139 و البدء و التاريخ 5:
135).
[5] صفة الإمام الذي
يلزم العقد له، يجب أن يكون على أوصاف منها: أن يكون قرشيا من الصميم، و دليله
أمور منها قول النبي صلى اللّه عليه و سلّم: «الأئمة من قريش ما بقي منهم اثنان».
(راجع التمهيد ص 181).