على أنّ هذا التقدير
للشهرستاني لم يحل دون انتقاده من بعض معاصريه أو المتأخرين مثل الخوارزمي الذي
أورد في كتابه تاريخ خوارزم: «لو لا تخبطه في الاعتقاد و ميله إلى هذا الإلحاد
لكان هو الإمام ... و ليس ذلك إلّا لإعراضه عن نور الشريعة و اشتغاله بظلمات
الفلسفة ... و قد حضرت عدّة مجالس من وعظه فلم يكن فيها لفظ، قال اللّه، و لا قال
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ... و اللّه أعلم بحاله».
و ابن السمعاني في قوله:
«إنه كان متّهما بالميل إلى أهل القلاع (يعني الإسماعيلية) و الدعوة إليهم، غال في
التشيّع».
و ياقوت في وصفه له بأنّه:
«الفيلسوف المتكلّم، صاحب التصانيف. كان وافر الفضل، كامل العقل، لو لا تخبطه في
الاعتقاد، و مبالغته في نصرة مذاهب الفلاسفة، و الذبّ عنهم لكان هو الإمام ...».
و من الكتاب المحدّثين،
قول أحمد أمين: «... و رأيت مؤلفي العرب كالشهرستاني و القفطي و أمثالهما قد خلطوا
حقّا و باطلا».
و دافع عنه ابن السبكي في
طبقاته و قال: «الحقّ أقول أن ما اتّهم به، هو منه براء فإن تصانيفه آية على
استمساك بالعقيدة و اعتصام بالدين، و إنه يميل إلى أهل السنّة و الجماعة، إلّا أنه
كان يتابع مذهب الفلاسفة، و يذبّ عن آرائهم و أفكارهم ممّا أدّى لتهمته».
و في كتاب «الذيل»
للسمعاني، و «وفيات الأعيان» لابن خلّكان، أن الشهرستاني ذكر في أوّل كتابه «نهاية
الإقدام» بيتين من الشعر هما:
لقد طفت في تلك المعاهد كلّها
و سيّرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلّا واضعا كفّ حائر
على ذقن أو قارعا سنّ نادم
و لم يذكر صاحب البيتين،
و قيل: هما لأبي بكر محمد بن باجة، المعروف بابن الصائغ الأندلسي. [و قيل: إنهما
لأبي علي ابن سينا].