المكتوبة قديمة أزلية. و
قالوا: لا يعقل كلام ليس بحروف و لا كلم. و استدلوا بأخبار، منها ما رووا عن النبي
عليه الصلاة و السلام: «ينادي اللّه تعالى يوم القيامة بصوت يسمعه الأوّلون و
الآخرون» و رووا أن موسى عليه السلام كان يسمع كلام اللّه كجر السلاسل، قالوا: و
أجمعت السلف على أن القرآن كلام اللّه غير مخلوق، و من قال هو مخلوق فهو كافر
باللّه، و لا نعرف من القرآن إلا ما هو بين أظهرنا فنبصره و نسمعه و نقرؤه و
نكتبه.
و المخالفون في ذلك:
أما المعتزلة فوافقونا على
أن هذا الذي في أيدينا كلام اللّه، و خالفونا في القدم. و هم محجوجون بإجماع
الأمة.
و أما الأشعرية فوافقونا
على أن القرآن قديم، و خالفونا في أن الذي في أيدينا كلام اللّه و هم محجوجون أيضا
بإجماع الأمة: أن المشار إليه هو كلام اللّه، فأما إثبات كلام هو صفة قائمة بذات
الباري تعالى لا نبصرها؛ و لا نكتبها و لا نقرؤها، و لا نسمعها: فهو مخالفة
الإجماع من كل وجه.
فنحن نعتقد أن ما بين
الدفتين كلام اللّه، أنزله على لسان جبريل عليه السلام، فهو المكتوب في المصاحف، و
هو المكتوب في اللوح المحفوظ، و هو الذي يسمعه المؤمنون في الجنة من الباري تعالى
بغير حجاب و لا واسطة، و ذلك معنى قوله تعالى:
سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ[1] و هو قوله تعالى لموسى عليه السلام:
يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ[2] و مناجاته من غير واسطة حتى قال تعالى:
وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً[3] و قال: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى
النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي[4] و روى عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال: «إنّ