عما وراء ذلك: و قال: إن
معبوده جسم، و لحم، و دم. و له جوارح و أعضاء من يد، و رجل، و رأس، و لسان، و
عينين، و أذنين. و مع ذلك جسم لا كالأجسام، و لحم لا كاللحوم، و دم لا كالدماء، و
كذلك سائر الصفات، و هو لا يشبه شيئا من المخلوقات، و لا يشبه شيء. و حكى عنه أنه
قال: هو أجوف من أعلاه إلى صدره، مصمت ما سوى ذلك. و أن له وفرة سوداء، و له شعر
قطط[1].
و أما ما ورد في التنزيل
من الاستواء، و الوجه، و اليدين، و الجنب، و المجيء، و الإتيان و الفوقية و غير
ذلك فأجروها على ظاهرها، أعني ما يفهم عند الإطلاق على الأجسام. و كذلك ما ورد في
الأخبار من الصورة و غيرها في قوله عليه الصلاة و السلام: «خلق آدم على صورة
الرّحمن» و قوله: «حتّى يضع الجبّار قدمه في النّار» و قوله: «قلب المؤمن بين
إصبعين من أصابع الرّحمن» و قوله: «خمّر طينة آدم بيده أربعين صباحا» و قوله: «وضع
يده أو كفّه على كتفي» و قوله: «حتّى وجدت برد أنامله على كتفي» إلى غير ذلك؛
أجروها على ما يتعارف في صفات الأجسام.
و زادوا في الأخبار أكاذيب
وضعوها و نسبوها إلى النبي عليه الصلاة و السلام، و أكثرها مقتبسة من اليهود، فإن
التشبيه فيهم طباع، حتى قالوا: اشتكت عيناه فعادته الملائكة، و بكى على طوفان نوح
حتى رمدت عيناه، و إن العرش لتئطّ[2] من تحته كأطيط الرّحل[3] الحديد، و أنه ليفضل من كل جانب أربع أصابع.
و روى المشبهة عن النبي
عليه الصلاة و السلام أنه قال: «لقيني ربّي فصافحني و كافحني، و وضع يده بين كتفيّ
حتّى وجدت برد أنامله».
و زادوا على التشبيه قولهم
في القرآن: إن الحروف و الأصوات و الرقوم