الخلقة. فله صفات دلت
أفعاله عليها لا يمكن جحدها. و كما دلت الأفعال على كونه عالما، مريدا، دلت على
العلم و القدرة و الإرادة، لأن وجه الدلالة لا يختلف شاهدا و غائبا. و أيضا لا
معنى للعالم حقيقة إلا أنه ذو علم، و لا للقادر إلا أنه ذو قدرة، و لا للمريد إلا
أنه ذو إرادة، فيحصل بالعلم الإحكام و الاتقان. و يحصل بالقدرة الوقوع و الحدوث. و
يحصل بالإرادة التخصيص بوقت دون وقت، و قدر دون قدر، و شكل دون شكل. و هذه الصفات
لن يتصور أن يوصف بها الذات إلا و أن يكون الذات حيا بحياة للدليل الذي ذكرناه.
و ألزم منكري الصفات
إلزاما لا محيص لهم عنه، و هو أنكم وافقتمونا بقيام الدليل على كونه عالما قادرا
فلا يخلو إما أن يكون المفهومان من الصفتين واحدا أو زائدا، فإن كان واحدا فيجب أن
يعلم بقادريته، و يقدر بعالميته. و يكون من علم الذات مطلقا علم كونه عالما قادرا،
و ليس الأمر كذلك، فعلم أن الاعتبارين مختلفان. فلا يخلو إما أن يرجع الاختلاف إلى
مجرد اللفظ أو إلى الحال، أو إلى الصفة. و بطل رجوعه إلى اللفظ المجرد، فإن العقل
يقضي باختلاف مفهومين معقولين. و لو قدر عدم الألفاظ رأسا ما ارتاب العقل فيما
تصوره و بطل رجوعه إلى الحال، فإن إثبات صفة لا توصف بالوجود و لا بالعدم إثبات
واسطة بين الوجود و العدم، و الإثبات و النفي، و ذلك محال. فتعين الرجوع إلى صفة
قائمة بالذات و ذلك مذهبه.