و قال في المفكر قبل ورود
السمع إنه لا يجب عليه بعقله شيء حتى يأتيه الرسول فيأمره و ينهاه، و لا يجب على
اللّه تعالى شيء بحكم العقل. و زعم ضرار أيضا أن الإمامة تصلح في غير قريش، حتى
إذا اجتمع قرشي و نبطي قدمنا النبطي، إذ هو أقل عددا، و أضعف وسيلة فيمكننا خلعه
إذا خالف الشريعة.
و المعتزلة و إن جوزوا
الإمامة غي غير قريش، إلا أنهم لا يجوزون تقديم النبطي على القرشي.
الفصل الثالث الصفاتية
اعلم أن جماعة كثيرة من
السلف كانوا يثبتون للّه تعالى صفات أزلية من العلم، و القدرة، و الحياة، و
الإرادة و السمع، و الكلام، و الجلال، و الإكرام، و الجود، و الإنعام، و العزة، و
العظمة. و لا يفرقون بين صفات الذات، و صفات الفعل بل يسوقون الكلام سوقا واحدا. و
كذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين، و الوجه و لا يؤولون ذلك إلا أنهم يقولون: هذه
الصفات قد وردت في الشرع، فنسميها صفات خبرية. و لما كانت المعتزلة ينفون الصفات و
السلف يثبتون، سمي السلف صفاتية و المعتزلة معطلة.
فبالغ السلف في إثبات
الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات.
و اقتصر بعضهم على صفات
دلت الأفعال عليها و ما ورد به الخبر؛ فافترقوا فرقتين:
فمنهم من أوّله على وجه
يحتمل اللفظ ذلك.
و منهم من توقف في
التأويل، و قال: عرفنا بمقتضى العقل أن اللّه تعالى ليس كمثله شيء، فلا يشبه شيئا
من المخلوقات و لا يشبهه شيء منها، و قطعنا بذلك، إلا أنا لا نعرف معنى اللفظ
الوارد فيه، مثل قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى
الْعَرْشِ