و الحسين النجار متقاربون
في المذهب، و كلهم أثبتوا كونه تعالى مريدا لم يزل لكل ما علم أنه سيحدث من خير و
شر و إيمان و كفر، و طاعة و معصية، و عامة المعتزلة يأبون ذلك.
أصحاب ضرار بن عمرو[2]، و حفص الفرد[3]، و اتفقا في التعطيل، و على أنهما قالا: الباري تعالى عالم قادر،
على معنى أنه ليس بجاهل و لا عاجز، و أثبتا للّه سبحانه ماهية لا يعلمها إلا هو، و
قالا: إن هذه المقالة محكية عن أبي حنيفة[4] رحمه اللّه و جماعة من أصحابه. و أرادا بذلك أنه يعلم نفسه شهادة،
لا بدليل و لا خبر. و نحن نعلمه بدليل و خبر. و أثبتا حاسة سادسة للإنسان يرى بها
الباري تعالى يوم الثواب في الجنة[5]. و قالا: أفعال العباد مخلوقة للباري تعالى حقيقة،
- بالإرجاء و إليه
نسبتها. أخذ الفقه عن القاضي أبو يوسف و قال برأي الجهمية، و أوذي في دولة هارون
الرشيد. و كان جدّه مولى لزيد بن الخطاب. و قيل: كان أبوه يهوديا. توفي سنة 218 ه/
833 م.
(راجع النجوم الزاهرة
2: 288 و تاريخ بغداد 7: 56).
[1] راجع في شأن هذه
الفرقة التبصير ص 62 و التنبيه ص 43 و اعتقادات فرق المسلمين ص 69 و الفرق بين
الفرق ص 213.
[2] هو قاضي من كبار
المعتزلة. طمع في رياستهم في بلده فلم يدركها. فخالفهم فكفروه و طردوه، صنّف نحو
ثلاثين كتابا بعضها في الردّ عليهم و على الخوارج، و فيها ما هو مقالات خبيثة. شهد
عليه الإمام أحمد بن حنبل عند القاضي سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فأفتى بضرب عنقه
فهرب. و قيل إن يحيى بن خالد البرمكي أخفاه. قال الجشمي: و من عدّه من المعتزلة
فقد أخطأ، لأنّا نتبرّأ منه فهو من المجبرة. توفي نحو سنة 190 ه/ نحو 805 م. (راجع
لسان الميزان 3: 303 و فضل الاعتزال 391).
[3] حفص الفرد: قال عنه
ابن النديم «من المجبرة و من أكابرهم، نظير النجار، و يكنّى أبا عمرو، و كان من
أهل مصر، قدم البصرة فسمع بأبي الهذيل و اجتمع معه و ناظره، فقطعه أبو الهذيل، و
كان أولا معتزليا ثم قال بخلق الأفعال و كان يكنى أبا يحيى ثم ذكر له عدة كتب.
(الفهرست ص 269) و قال الذهبي «حفص الفرد: مبتدع. قال النسائي: صاحب كلام لكنه لا
يكتب حديثه. و كفّره الشافعي في مناظرته». (راجع ميزان الاعتدال 1: 564 الترجمة
رقم 2143).
[4] هو أبو حنيفة
النعمان بن ثابت. الإمام الفقيه الكوفي. توفي سنة 150 ه.
[5] قال عبد القاهر في
(الفرق بين الفرق ص 214): «و انفرد بأشياء منكرة منها قوله بأن اللّه تعالى يرى في
القيامة بحاسة سادسة يرى بها المؤمنون ماهيّة الإله، و قال: للّه تعالى ماهية لا
يعرفها غيره. يراها المؤمنون بحاسة سادسة و تبعه على هذا القول حفص الفرد».