نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 9
الدليل المقتضي للعلم
بالمدلول. و إذا فسد النظر بمصادفة الشبهة، فليس للشبهة وجه متعلق باعتقاد على
التحقيق؛ إذ لو كان للشبهة وجه متعلق باعتقاد على التحقيق، لكان دليلا، و لكان
الاعتقاد علما.
و مما يوضح ذلك، أن الدليل
لما دل بصفته النفسية، دل كل من أحاط به علما على مدلوله؛ فلو كان للشبهة وجه
أيضا، لقاد العالم بحقيقة الشبهة إلى الجهل، و ليس الأمر كذلك.
فصل
الأدلة هي التي يتوصل
بصحيح النظر فيها إلى ما لا يعلم في مستقر العادة اضطرارا، و هي تنقسم إلى العقلي
و السمعي.
فأما العقلي من الأدلة،
فما دل بصفة لازمة هو في نفسه عليها، و لا يتقرر في العقل تقدير وجوده غير دال على
مدلوله؛ كالحادث الدال بجواز وجوده على مقتض يخصصه بالوجود الجائز، و كذلك الإتقان
و التخصيص الدالان على علم المتقن و إرادة المخصص.
و السمعي، هو الذي يستند
إلى خبر صدق أو أمر يجب اتباعه.
فصل
النظر الموصل إلى المعارف
واجب، و مدرك وجوبه الشرع، و جملة أحكام التكليف متلقاة من الأدلة السمعية و
القضايا الشرعية.
و ذهبت المعتزلة إلى أن
العقل يتوصل به إلى درك واجبات، و من جملتها النظر، فيعلم وجوبه عندهم عقلا، و
ستأتي المسألة إن شاء اللّه عز و جل، و لكنا نذكر منها طرفا يختص بالنظر.
فإن قالوا: إذا نفيتم مدرك
وجوب النظر عقلا، ففي مصيركم إلى ذلك إبطال تحدي الأنبياء عليهم السلام، و انحسام
سبيل الاحتجاج؛ فإنهم إذا دعوا الخلق إلى ما ظهر من أمرهم، و استدعوا منهم النظر
فيما أبدوه من المعجزات، و خصّصوا به من الآيات، فيقال لهم: لا يجب النظر إلا بشرع
مستقر، و تكليف ثابت مستمر، و لم يثبت بعد عندنا شرع تتلقى منه الواجبات؛ فيحملهم
هذا الاعتقاد على الإضراب عن الرشاد، و التمادي في الجحد و العناد.
قلنا: هذا الرأي الذي
ألزمتمونا في الشرع المنقول ينعكس عليكم في قضايا العقول؛ فإن الموصل إلى العلم
بوجوب النظر من مجاري العبر، و عندكم أن العاقل يخطر له تجويز صانع يطلب منه
معرفته و شكره على نعمه، و لو عرفه لنجا و رجا الثواب الجزيل، و لو كفر و استكبر
لتصدى لاستحقاق العقاب الوبيل.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 9