responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 7

باب في أحكام النظر

أول ما يجب على العاقل البالغ، باستكمال سن البلوغ أو الحلم شرعا، القصد إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدث العالم. و النظر في اصطلاح الموحدين، هو الفكر الذي يطلب به من قام به علما أو غلبة ظن. ثم ينقسم النظر قسمين: إلى الصحيح، و إلى الفاسد؛ و الصحيح منه كل ما يؤدي إلى العثور على الوجه الذي منه يدل الدليل؛ و الفاسد ما عداه. ثم قد يفسد النظر بحيده عن سنن الدليل أصلا، و قد يفسد مع استناده للسداد أولا لطروء قاطع.

فإن قيل: قد أنكرت طائفة من الأوائل إفضاء النظر إلى العلم، و زعموا أن مدارك العلوم الحواس، فكيف السبيل إلى مكالمتهم؟ قلنا: الوجه أن نقسم الكلام عليهم، فنقول: هل تزعمون أنكم عالمون بفساد النظر، أو تستريبون فيه؟ فإن قطعوا بفساد النظر، فقد ناقضوا نص مذهبهم في حصر مدارك العلوم في الحواس، إذ العلم بفساد النظر خارج عن قبيل المحسوسات.

ثم نقول: أعلمتم فساد النظر ضرورة، أم علمتموه نظرا؟ فإن زعموا أنهم علموه ضرورة كانوا مباهتين، ثم لا يسلمون عن مقابلة دعواهم بنقيضها. و إن زعموا أنهم أدركوا فساد النظر بالنظر، فقد ناقضوا كلامهم؛ حيث نفوا جملة النظر و قضوا بأنه لا يؤدي إلى العلم، ثم تمسكوا بنوع من النظر، و اعترفوا بكونه مفضيا إلى العلم.

و إن قالوا: أنتم إذا أثبتم النظر و ادعيتم أداءه إلى العلم، أ تسندون دعواكم إلى الضرورة، أو تسندونها إلى النظر؟ فإن ادعيتم الضرورة لزمكم ما ألزمتمونا و انعكس عليكم مرامكم؛ و إن حكمتم بصحة النظر بالنظر فقد أثبتم الشي‌ء بنفسه، و ذلك مستحيل. قلنا: كلامكم هذا يفيدكم شيئا، أو لا يفيدكم شيئا أصلا؟ فإن زعموا أنه لا يفيد علما و لا يجلب حكما، فقد اعترفوا بكونه لغوا، و كفونا مئونة الجواب.

و إن زعموا أنه يفيد العلم بفساد دليلنا، فقد تمسكوا بضرب من النظر في سياق إنكار جميعه.

و إن قالوا: غرضنا مقابلة الفاسد بالفاسد، رددنا عليهم التقسيم، و قلنا: معارضة الفاسد بالفاسد من وجوه النظر. ثم نقول: لا بعد في إثبات جميع أنواع النظر بنوع منها يثبت نفسه و غيره، و هذا كالعلم يتعلق بالمعلومات و يتعلق بنفسه؛ إذ بالعلم يعلم العلم، كما به يعلم سائر المعلومات.

و إن قال السائل: لست قاطعا ببطلان النظر فيطرد عليّ تقسيمكم، و إنما أنا مستريب مسترشد؛ فالوجه أن يقال لمن رام إرشادا: سبيلك أن تنظر في الأدلة نظرا قويما، و تنهج فيها نهجا مستقيما؛

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست