نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 36
بالحرارة و البرودة و
اللين و الخشونة؛ فهل تصفون الرب تعالى بأحكام هذه الإدراكات، أم تقتصرون على وصفه
بكونه سميعا بصيرا؟ قلنا: الصحيح المقطوع به عندنا وجوب وصفه بأحكام الإدراكات، إذ
كل إدراك ينفيه ضد فهو آفة، فما دل على وجوب وصفه بأحكام السمع و البصر فهو دال
على وجوب وصفه بأحكام الإدراكات.
ثم يتقدس الرب سبحانه و
تعالى عن كونه شامّا ذائقا لامسا، فإن هذه الصفات منبئة على ضروب من الاتصالات، و
الرب يتعالى عنها. ثم هي لا تنبئ عن حقائق الإدراكات؛ فإن الإنسان يقول شممت تفاحة
فلم أدرك ريحها؛ و لو كان الشم دالّا على الإدراك، لكان ذلك بمثابة قول القائل:
أدركت ريحها و لم أدركه، و كذلك القول في الذوق و اللمس.
فصل
الرّب سبحانه و تعالى باق مستمرّ
الوجود، و كان الترتيب الذي بنينا عليه الكلام في الصفات يقتضي أن تعدّ هذه الصفة
في الأبواب المشتملة على ذكر صفات النفس؛ فإن الذي نرتضيه، أن الباقي باق لنفسه، و
ليس كونه باقيا من الأحكام التي توجبها المعاني، و سنوضح ذلك من بعد إن شاء اللّه
عز و جل.
و كلّ ما دلّ على قدم
الباري تعالى، و استحالة عدمه، و وجوب وجوده، فهو دال على كونه تعالى باقيا.
و الذي ذكرناه لمع مغنية
في إثبات العلوم بأحكام الصفات الموجبة.
و نحن الآن نخوض في إثبات
العلم بالصفات الموجبة للذات أحكامها، مستعينين باللّه تعالى.
باب القول في إثبات
العلم بالصفات
مذهب أهل الحق أن الباري
سبحانه و تعالى حيّ، عالم، قادر؛ له الحياة القديمة، و العلم القديم، و القدرة
القديمة، و الإرادة القديمة.
و اتفقت المعتزلة و من
تابعهم من أهل الأهواء على نفي الصفات، ثم اختلفت آراؤهم في التعبير عن وصفه
بأحكام الصفات؛ فقال قائلون: إنه حيّ، عالم قادر لنفسه.
و اختار آخرون عبارة أخرى،
فقالوا: هذه الأحكام ثابتة للذات لكونه على حالة هي أخص صفاته، و تلك الحالة توجب
له كونه حيّا عالما قادرا.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 36