responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 30

سبق المقدمات التي ذكرناها إلى نظر و اعتبار في القطع بكون الصانع عالما قادرا. فإذا تقرر أن الباري تعالى صانع العالم، و استبان للعاقل لطائف الصنع، و أحاط بما تتصف به السموات و الأرض و ما بينهما من الاتساق و الانتظام و الإتقان و الإحكام، فيضطر إلى العلم بأنها لم تحدث إلا من عالم بها قادر عليها، و لا يستريب اللبيب في امتناع الاختراع من الجهلة و الموتى و الجمادات و العجزة.

و كذلك يعلم كل عاقل على البديهة، أن الفعل الرصين المحكم المتين يستحيل صدوره من الجاهل به. و من جوّز، و قد لاحت له سطور منظومة و خطوط متسقة مرقومة، صدورها من جاهل بالخط كان عن المعقول خارجا، و في تيه الجهل والجا.

و قد حاول بعض المتكلمين سبر النظر و طرق العبر في ذلك، و مسلكهم ما نومئ إليه. و ذلك أنهم قالوا: ألفينا الأفعال تمتنع على بعض الموجودات و لا تمتنع على بعضها. ثم إذا نظرنا في الموانع جرّنا السّبر و التقسيم إلى أن الذي لا يمتنع عليه الفعل القادر العالم، و مآل ذلك يستند إلى دعوى الضرورة؛ إذ لو قال قائل: لا يمتنع الفعل على موجود، لكان الوجه في الرد عليه نسبته إلى جحد الضرورة. فإذا اضطرنا إلى ذلك انتهاء، كان الأحرى أن نتمسك به ابتداء.

فإن قيل: قد أطلق العقلاء القول بدلالة المحكم على علم المحكم، و الذي ذكرتموه خروج على قولهم؛ قلنا: المرضي عندنا في ذلك أن الحادث يدل على القدرة أو على كون القادر قادرا، و المحكم يدل على كون المحكم عالما؛ و لكن يدرك كون ما ذكرناه دليلا ضرورة من غير احتياج إلى مباحثة و نظر يفضي إذا صح إلى العثور على الوجه الذي منه يدل الدليل، فاعلم ذلك.

فإذا اتضح كون الباري سبحانه عالما قادرا، فباضطرار تعلم كونه حيا. و لو نظر العاقل بدءا في الفعل و اعتقد أن له صانعا، فيضطر منه إلى العلم بكون صانعه حيا، إذا درأ عن معتقداته وساوس الطبائعيين، كما سبقت الإشارة إليها. فهذا القدر كاف في هذا المعتقد.

فصل‌

صانع العالم مريد على الحقيقة، و ذهب أبو القاسم الكعبي إلى أن الباري تعالى لا يتصف بكونه مريدا على الحقيقة؛ و إن وصف بذلك شرعا في أفعاله، فالمراد بكونه مريدا لها أنه خالقها و منشئها. و إذا وصف بكونه مريدا لبعض أفعال، فالمراد بوصفه أنه أمر بها. و ذهب النجار [1] إلى أن الباري تعالى مريد لنفسه. ثم قال عند المراجعة: المعنى بكونه مريدا، أنه غير مستكره و لا مغلوب.

و ذهب بعض معتزلة البصرة إلى أن الباري تعالى مريد للحوادث بإرادة حادثة ثابتة لا في محل،


[1] هو أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن عبد اللّه النجار، من متكلمي المجبرة و له مع النظام مجالس و مناظرات مات عقب إحداها. انظر الفهرست لابن النديم. وافق أصحابنا في أصول، و وافق القدرية في أصول، و انفرد بأصول. انظر الفرق بين الفرق.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست