responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 23

لذلك قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ‌ [سورة الأعراف: 53]، و التأويل فيها يحمل على الساعة في اتفاق الجماعة.

فصل‌

صرحت طوائف من الكرّامية بتسمية الرب تعالى عن قولهم جسما، و سبيل مفاتحتهم بالكلام أن نقول: الجسم هو المؤلف، في حقيقة اللغة، و لذلك يقال في شخص فضل شخصا بالعبالة و كثرة تآلف الأجزاء إنه أجسم منه و إنه جسيم، و لا وجه لحمل المبالغة إلا على تآلف الأجزاء. فإذا أنبأتنا المبالغة المأخوذة من الجسم على زيادة التأليف، فاسم الجسم يجب أن يدل على أصل التأليف؛ إذ الأعلم لمّا دل على مزية في العلم، دل العالم على أصله.

ثم نقول: إن سميتم الباري تعالى جسما و أثبتم له حقائق الأجسام، فقد تعرضتم لأمرين: إما نقض دلالة حدث الجواهر، فإن مبناها على قبولها للتأليف و المماسة و المباينة؛ و إما أن تطردوها و تقضوا بقيام دلالة الحدث في وجود الصانع. و كلاهما خروج عن الدين، و انسلال عن ربقة المسلمين.

و من زعم منهم أنه لا يثبت للباري تعالى أحكام الأجسام، و إنما المعنى بتسميته جسما الدلالة على وجوده؛ فإن قالوا ذلك قيل لهم: لم تحكمتم بتسمية ربكم باسم ينبئ عما يستحيل في صفته، من غير أن يرد به شرع أو يستقر فيه سمع، و ما الفصل بينكم و بين من يسميه جسدا، ثم يحمل الجسد على الوجود؟ فإن قيل: إذا لم يمتنع تسمية الإله نفسا، كما دل عليه قوله تعالى: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ‌ [سورة المائدة: 116]، فلا يمتنع أيضا تسميته جسما؛ قلنا: لا يسوغ القياس في إثبات أسماء الرب سبحانه و تعالى، إذ لو ساغ ذلك لساغ مثله في الجسد. على أن النفس يراد بها الوجود؛ و لذلك يحسن قول القائل: نفس العرض و العرض نفسه، و لا يصح أن يقال: جسم العرض، ثم الأصل اتباع الشرع.

فصل‌

مما يخالف الجوهر فيه حكم الإله قبول الأعراض و صحة الاتصاف بالحوادث، و الرب سبحانه و تعالى يتقدس عن قبول الحوادث. و ذهبت الكرّامية إلى أن الحوادث تقوم بذات الرب تعالى عن قولهم؛ ثم زعموا أنه لا يتصف بما يقوم به من الحوادث، و صار إلى جهالة لم يسبقوا إليها، فقالوا: القول الحادث يقوم بذات الرب سبحانه و تعالى، و هو غير قائل به، و إنما هو قائل بالقائلية.

و حقيقة أصلهم أن أسماء الرب لا يجوز أن تتجدد، و لذلك و صفوه بكونه خالقا في الأزل، و لم يتحاشوا من قيام الحوادث به، و تنكبوا عن إثبات وصف جديد له ذكرا و قولا.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست